أنا ابن رجل عاش حياته كريمًا، وأمٍّ رحيمة، ومن قبيلة تعتز بالكرم … الكابتن فهد الغربي: الإنسانية في أبهى صورها
أنا ابن رجل عاش حياته كريمًا، وأمٍّ رحيمة، ومن قبيلة تعتز بالكرم … الكابتن فهد الغربي: الإنسانية في أبهى صورها
ليس من الصدفة أن تقف على إحدى القنوات أو المواقع الإلكترونية لتقرأ قصة الكابتن فهد الغربي الشريهي، فهي رسالة من الحياة وتذكير بأن الخير لا يزال موجود.
الكابتن فهد الغربي مدرب كرة قدم سعودي، درب فريق شباب نادي جبة في حائل، ولعب في صفوف نادي الطائي ونادي الرياض، كما احترف في أستراليا، وهو حاصل على الرخصة B للمدربين من الاتحاد الآسيوي.
قرر فهد في عام 2019، التبرع بأحد كليتيه لإنقاذ حياة زميله في الفريق، اللاعب يوسف الشمري. ولقد حظي هذا الفعل بتقدير واسع في الأوساط الرياضية والإنسانية داخل المملكة العربية السعودية وخارجها، حتى أن الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، رئيس الهيئة العامة للرياضة آنذاك، عبر علنًا عن إعجابه بهذا الفعل النبيل.
خلف الأضواء والإنجازات الرياضية، يقف شخص آخر لا يعرفه الجميع، شخص نشأ على القيم والمبادئ التي صقلت شخصيته وجعلته قادرًا على اتخاذ قرارات مصيرية، مثل تلك التضحية العظيمة.
أجرت منصة نون وشين حوارًا حصريًا مع الكابتن فهد الغربي للتعرف على هذا الجانب من شخصيته الملهمة، لنكتشف البيئة التي نشأ فيها وما الذي شكل قراراته ومسيرته في الحياة.
استهل الكابتن فهد حديثه بالإشارة إلى شخصيته الهادئة في مرحلة الطفولة، حيث لم يكن مشاغبًا، ولم يكن خجولًا، وربما كان هذا الهدوء العامل الذي ساعده في اكتشاف ذاته، عندما وقع الاختيار عليه ليدخل عالم كرة القدم.
بدأت علاقته بالملاعب بطريقة عفوية، حين كان جامع كرات بين الشوطين، ليكتشفه المدرب الوطني فرج الطلال (مدرب الطائي السابق) أثناء المباراة، ويطلب منه بعدها الانضمام إلى نادي الطائي.
كانت تلك اللحظة نقطة التحول التي وضعت قدميه على طريق الحلم، ليواصل مسيرته ويصنع سلسلة من النجاحات، والتي اختصرها بعنوان واحد: "الإصرار والشغف"، حيث لعب في نادي الطائي في جميع الفئات، ثم نادي الرياض، وبعدها احترف في نادي فريمانتل Fremantle الأسترالي.
لم تخلو حياته الرياضية من لحظات الفشل والتي يعتبرها جزءً من مسيرته الحقيقية، ويذكر أصعب لحظة فشل، قائلاً:
"أصعب مرحلة فشل مرت علي كانت عندما استلمت فريق شباب الطائي، وقمت بتجهيز الفريق لمدة شهرين. ولكن قبل بداية الدوري بأسبوع، تم تغيير إدارة النادي، وجلبت الإدارة الجديدة طواقم تدريبية مختلفة، كان ذلك بمثابة صدمة لي".
بالعودة إلى أصوله وتربيته، يذكر الكابتن فهد الدور الكبير الذي قدمه والده في حياته، حيث كان الداعم الأول له، وأضاف: "والدي رحمه الله كان من الداعمين لنادي الطائي، هو من شجعني وساعدني للاستمرار. نادي الطائي كان له فضل في احتوائي، وكذلك المدرب الوطني فرج الطلال وكابتن الطائي بندر مدني".
وبالحديث عن تضحيته الكبرى بتبرعه بأحد كليتيه، عبر فهد عن شعوره قائلًا: "الحمد لله، شعرت بأنني حققت أعظم إنجاز في حياتي". وأكد لنا أن التضحية لم تكن بنت لحظة، بل نتاج سنوات من التربية والقيم، يقول: "أنا أبن لرجل عاش حياته كريمًا وأم رحيمة ومن قبيلة تعتز بالكرم ومن منطقة عرف عنها وعن أهلها طباع الكرم والجود".
كما حذر من تضاؤل بعض القيم في الجيل الجديد، لا سيما الصبر والإصرار، قائلاً: "اليوم، الاهتمامات أصبحت فردية، ورغم أن النجاح غالبًا جماعي، إلا أن الجيل الحالي أقل قدرة على تحمل الفشل أو الانتظار، وهذه القيم تحتاج إلى أن يعاد غرسها، وأعتقد أن الرياضة هي الأداة الأنسب للحفاظ عليها."
ومن ذلك يؤكد أن الرياضة أكثر من مجرد لعبة؛ فهي مدرسة للقيم، وساحة لغرس معاني الإصرار والصبر والعطاء، فكل تدريب، وكل مباراة، وكل تحدٍ، فرصة لصقل شخصية الشباب، وإعادة ربطهم بما نشأوا عليه من أخلاق ومبادئ.
أختتم الكابتن فهد هذا اللقاء برسالة قوية، تقول: "الخير ليس ضعفًا، بل هو قوة تتطلب شجاعة أكبر مما يتخيله الناس. وكل مرة تحاول فيها صنع أثر، صغيرًا كان أو كبيرًا، فأنت توثّق وجود الخير في هذا العالم، وتضيف له صفحة جديدة".