طه حاصل: الموهبة التي لم تُقيدها الجدران

طه حاصل: الموهبة التي لم تُقيدها الجدران
بين جدران غرفة صغيرة، ووسط أصوات العائلة والحياة اليومية، وفي عمر العشرين فقط، خط طه علي سعيد حاصل، أسمه كأحد الأسماء الصاعدة في عالم التصميم وصناعة المحتوى، دون أن ينتظر الدعم، أو يبحث عن الأعذار.
لم يبدأ طه رحلته مع التصميم بنية أن يكون محترفًا. كانت البداية مجرد تسلية؛ تصاميم بسيطة لقناته على اليوتيوب، وأول تصميم له كان صورة البروفايل لقناته، باستخدام برنامج الرسام، ويتذكره ضاحكًا: "وقتها شعرت أني فنان".
مع الوقت، تحولت هذه التسلية إلى شغف، ثم إلى هدف واضح، أدرك فيه أن المهارات التي يكتسبها اليوم قد تكون أدواته للغد.
التحديات لا توقف الحلم
يعمل طه من غرفة صغيرة في منزله، ومع أنه يجد سهولة نسبية في التصميم على الهاتف، إلا أن تصوير فيديوهات اليوتيوب يشكل تحديًا حقيقيًا، حيث يعيش في بيت مكتظ، يجمع عائلته وعائلة أخيه الأكبر وطفلًا صغيرًا، لذلك كان ينتظر لحظات الهدوء النادرة ليبدأ التصوير.
ويضيف "العمل على الهاتف يجعل التصميم والمونتاج بطيئًا جدًا، لأن أدواته محدودة، والهاتف لا يتحمل ضغط العمل الثقيل، وأكثر ما أحتاجه اليوم هو لابتوب احترافي يساعدني في إنجاز أعمالي بشكل أسرع وأفضل".
رغم هذه الظروف، لم يتوقف طه، بل كان يخرج يوميًا لاستخدام كرت شبكة بقيمة 200 ريال لرفع فيديوهاته.
ويسترجع موقفًا طريفًا في إحدى المرات: "كان عندنا ضيوف، وكنت مضطر أسجل فيديو مهم لأنه ترند. جمعت الوسائد والبطانيات وصنعت بها عازل للصوت، ووضعت الهاتف وسجلت الفيديو بنجاح".
قلة الإمكانيات، وضيق المساحة، وبساطة الأدوات، لم تكن عوائق أمام طه، بل كانت حافزًا له، حتى أنه وصل بعمله وتطوره الذاتي إلى منصة TEDxSealineRd في عدن هذا العام، كان أحد المتحدثين، الذين شاركوا قصصهم أمام جمهور واسع.
وعن الدعم الذي قدمته أسرته له يقول: "هم سندي ومسندي، وأكثر من دعمني طوال مسيرتي".
الإيمان هو المحرك
قد يظن البعض أن طه من ذوي الإعاقة، لكنه وضح الأمر بدقة في حواره مع منصة نون وشين، قائلاً: "أنا لست متوحدًا ولا من ذوي الاحتياجات الخاصة، بل تم تشخيصي من فئة "عباقرة المتوحدين'".
وهذا التشخيص لم يكن كافيًا ليُبعد عنه التنمر، فقد تعرض له كثيرًا أثناء دراسته، لكنه في المقابل زاده إصرارًا على النجاح.
واجه طه لحظات كثيرة شعر فيها أن الحلم بعيد، لكنه في كل مرة كان يتوقف قليلًا، ويعيد النظر في خطواته، ويُعدل خططه، ويتعلم من جديد، ثم يعود أقوى!
الإيمان بأن لكل مجتهد نصيب، وبأن ما يتعلمه اليوم سيفيده عاجلاً أم آجلاً، كان وقوده للاستمرار، ولم يكن ينتظر النتيجة دائمًا، بل كان يمارس شغفه من أجل المتعة ذاتها.
أحلام كبيرة وطموح لا ينكسر
يحلم طه أن يكون من أفضل صناع المحتوى والمصممين في العالم العربي، وأن يكون قدوة للشباب الذين يظنون أن النجاح حكر على من يمتلك الإمكانيات.
ويرى أن حصوله على شهادة بكالوريوس في تصميم الجرافيك لن يكون مجرد ورقة، بل قفزة حقيقية في مسيرته المهنية والعلمية، ستساعده في الحصول على فرص أفضل في الحياة.
في الختام، وجه طه عبر منصة نون وشين رسالة لكل من يعيش ظروفًا صعبة ويملك حلمًا كبيرًا:
"ابدأ اليوم قبل الغد، استغل كل فرصة، صغيرة كانت أو كبيرة، فأنت لا تعلم أي فرصة قد تغير حياتك، والأهم أن تتوكل على الله".
أما عن الأشخاص ذوي التوحد، فهو يدعو المجتمع لمنحهم الفرصة لاكتشاف ذواتهم، يقول:
"أغلب المصابين بالتوحد لديهم موهبة كبيرة تحتاج فقط للتشجيع والدعم، لا للتنمر. في النهاية، نحن جميعًا بشر".