من عدن إلى الجامعة الأمريكية .. حُسن تركي تكتب قصة نجاحها

من عدن إلى الجامعة الأمريكية .. حُسن تركي تكتب قصة نجاحها
في حوار خاص أجرته منصة "نون وشين"، شاركتنا حُسن تركي، الطالبة اليمنية المتفوقة، رحلتها من عدن إلى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، حيث كتبت فصلاً جديدًا من الإصرار والطموح في ظل التحديات الصعبة التي يعاني منها اليمن.
تنحدر حُسن من مدينة عدن، وهناك تلقت تعليمها حتى المرحلة الثانوية. التحقت بثانوية عدن النموذجية عام 2017، وبعد تخرجها بدأت في البحث عن فرص للدراسة في الخارج. تم قبولها ضمن برنامج "رواد الغد" التابع لمعهد أمديست، وحصلت على منحتين كاملتين: إحداهما للدراسة في الجامعة الأمريكية في بيروت، والأخرى في الجامعة الأمريكية في القاهرة.
وعن سبب اختيارها للقاهرة بدلًا من بيروت، رغم قبولها في الجامعتين، فذلك لأنها شعرت أن الأولى أكثر استقرارًا في ذلك الوقت، حيث أرادت أن تحظى ببيئة تساعدها على التركيز دون قلق من الظروف المحيطة.
اختارت حُسن تخصّص علم الأحياء، ووجدت شغفها في مجال البحث العلمي، لا سيما الأبحاث التي تُعنى بالفئات غير الممثلة في الدراسات الطبية. إلى جانب دراستها، شاركت في مبادرات تطوعية تركز على تمكين النساء والفتيات في مجتمعها، ساعية إلى أن يكون لعلمها أثر ملموس في حياة الآخرين.
سألناها عمن آمن بحلمها أولًا، أجابت دون تردد:
"عائلتي كانت أول من آمن بي وشجعني، رغم أن الظروف ما كانت سهلة أبدًا. في بيتنا، التعليم له أولوية قصوى، وهذا ساعدني أركز على نفسي وأطور قدراتي. في البداية، إيماني بنفسي كان مرتبط بدعمهم المستمر، لكن اللحظة اللي حسيت فيها إني أؤمن بنفسي بصدق كانت يوم انتقلت للقاهرة، وبدأت أواجه الحياة لحالي. وقتها عرفت إن عندي قدرة أتحمل المسؤولية وأمشي خطوات واثقة".
تحدثت حُسن أيضًا عن التحديات التي واجهتها، وأبرزها تعلم الإنجليزية. تعلمت بنفسها اللغة من خلال بعض الدورات أثناء تواجدها في عدن، إذ لم تحصل على تعليم منتظم ولم تتلق تدريبًا كافيًا على الكتابة الأكاديمية، وعند دخولها للجامعة، واجهت صعوبة في مجاراة زملائها، خاصة أنها درست المواد العلمية بالعربية، وكان الانتقال إلى الدراسة بالإنجليزية تحديًا كبيرًا، لكن مع مرور الوقت، تمكنت من تجاوز هذه الصعوبات، وحققت تقدمًا ملحوظًا حتى وصلت إلى التفوق.
أما عن نظرتها لدور المرأة اليمنية في المجتمع، فقالت: "رغم غيابها عن مواقع صنع القرار، تظل ركيزة أساسية فيه، ولقد تحدثت في خطابي الجامعي عن دور النساء في عائلتي، وعن كيف أن دعمهن وتشجيعهن ساعدني على تجاوز تحديات كثيرة وعلى تحقيق أهدافي. المرأة اليمنية تزرع وتصبر وتصنع الأمل حتى في أصعب الظروف".
تمنت حُسن حضور جدتها في حفل تخرجها، وعندما طلبنا منها أن تتخيل شعورها في حال كانت حاضرة، قالت: "غالبا بتتأثر وبتكون فخورة. جدتي كانت عظيمة، رغم الظروف والحياة الصعبة اللي عاشتها كملت وربت وعلمت، وهي مثال لكثير من النساء في مجتمعنا اللي قدموا الكثير لأولادهم بدون ما يطلبوا شيء".
اليوم، تفكر حُسن في مواصلة دراستها العليا في مجال المعلوماتية الحيوية (Bioinformatics)، وهو مجال جذب اهتمامها بعد مشاركتها في أبحاث جامعية أظهرت لها كيف يمكن للعلم أن يُحدث فرقًا حقيقيًا.
في ختام الحوار، وجهت حُسن رسالة لطالبات الثانوية العامة، فقالت:
"السفر للخارج ممكن يكون مخيف في البداية، لأنك تتركين أهلك وحياتك اللي تعودتِ عليها، واللي كنتِ دايمًا تعتبرينهم سندك. لكن في المقابل، التجربة دي بتعلمك كثير عن نفسك، وبتثبت لك إنك قادرة تعيشي وتبني حياتك من الصفر. بتكتشفي أشياء ما كنتِ تعرفيها عن العالم، وبتتعلمي من ناس من ثقافات مختلفة، من كل عِرق وخلفية".
وتكمل: "إحنا جئنا من بيئة محدودة، متشابهين في العادات والتقاليد، ولما تسافري تشوفي كيف العالم كبير، وكيف الناس مختلفة، وكل تجربة بتضيف لكِ شيء. وبعيدًا عن الدراسة، النضج المصاحب للتجربة هو أجمل شيء ممكن تعيشيه. أنا شخصيًا أعتبرها من أفضل القرارات اللي اتخذتها في حياتي، وأنصح كل بنت عندها الفرصة إنها تغامر وتجرب — لأنها فعلًا قادرة".