شائعات مواقع التواصل النار والرماد

شائعات مواقع التواصل النار والرماد
مرفت الربيعي
انتشرت مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير في العقد الماضي، حيث يقدر مستخدميها بمئات الملايين، مما جعلها أرض خصبة تتخذ منها الشائعات والمحتويات الزائفة موطناً لها، قد تكون أشد سلبية في نتائجها على الفرد والمجتمع، نظراً لحجم المتابعة التي تحظى بها وسائل التواصل مقارنة بالوسائل الأخرى لتميزها بسهولة ويسر الاستخدام.
وبين مفهوم الشائعة والإشاعة تتفق المعاجم اللغوية أن هناك معنى واحد، وهو: "الخبر الذي يُنتشر ولا يثبت فيه"، بينما عرفها الباحثان جوردن أولبرت وليو بوستمان بأنها: "كل قضية أو عبارة نوعية مطروحة للتصديق، تتداول من فرد إلى آخر بالكلمة الشفهية في العادة، دون أن تستند إلى دلائل مؤكدة على صدقها، وتحتوي كل شائعة دائماً على شيءً من الحقيقة".
وأياً كان فإن المقولة غير صحيحة، فهي رواية عن شخص أو جماعة "لا أساس لها من الصحة"، وقد يكون لها دوافع نفسية، أو سياسية، أو اجتماعية، أو اقتصادية. وأهدافها غالباً سلبية، وتتعرض أثناء تداولها للتحريف بالزيادة أو النقصان، غير أن معدل الزيادة دائماً أكبر من النقصان.
تتسبب هذه الشائعات وترويجها بأبعاد نفسية واجتماعية على الأفراد والمجتمعات لما لها من تأثير عاطفي، وتَكمن خطورتها على المجتمع عندما تتعلق بالعقيدة والقيم والمُثل، وتصل به إلى ذروة الاهتزاز والتشتت إذا أخذت بعداً سياسياً حزبياً، وهي تتجه إلى معنويات الإنسان لا ممتلكاته، حيث أن ميدانها هو الشخصية الفكرية والمعنوية.
تنتشر الشائعات إذا وجد موضوع ذو أهمية حقيقية، ومع غياب المعلومات الدقيقة عن الشائعة تتكون بيئة خصبة لتخمينات العقلية التي تحاول فك شفرة الغموض عنها جراء نقص المعلومات، وتناقضها، وعدم وضوحها، أو عدم القدرة على فهم تلك المعلومات. وتتخذ الشائعة تقسيمات متعددة بين شائعات الأحلام والخوف والكراهية. وقد يطلق الأفراد شائعات عن أنفسهم لتحقيق أهداف محددة، ومثال على ذلك الشائعة التي أطلقتها إسرائيل قبل حرب أكتوبر 1973 بأنها "صاحبة الجيش الذي لا يقهر" بهدف دك الخصوم، والنيل منهم وإثارة الخوف لديهم.
وهناك شائعات غرضها تدمير بعض نجاحات الخصوم وإثارة البلبلة عليهم، مثل ذلك ما تعرضت له إحدى المدارس الأهلية في محافظة عدن من حملة تشوية طالت حتى معلماتها ومست شرفهن، فأصبحن ضحية شائعة هدفها تدمير الخصم وتشوية صورته. فبعض الشائعات تكون المرأة اليمنية فيها ضحية سياط الجلاد الذي يضرب بخاصرة شرفها، في مجتمع يبحث عن الإثارة ونشر المعلومات دون التثبت من مصادرها.
أدى غياب الرقابة والقوانين الخاصة بتنظيم النشر على الإنترنت ومواقع التواصل إلى مضاعفة مستوى انتشار الشائعات والمعلومات المضللة، وَتحديداً في منصات التواصل الاجتماعي، سواءً كان عبر شخص ويساهم الآخرين في إعادة النشر أو المشاركة، أو عن طريق كيان أو جهة منظمة تسعى لإثارة الرأي العام حول قضية للحصول على مكاسب معينة أو للتحرش من طرف معين. أيضاً قد يكون هناك تدفق سلس للمعلومات -نشر غير مقصود- بسبب غياب الوعي، وبالمقابل قد يكون مقصود ومتعمد وممول وله أهداف كثيرة.
نشرت دراسة أن أكثر وسائل الإعلام نقلاً للشائعات وخلقاً لها وترديد محتواها هي مواقع التواصل الاجتماعي، بنسبة كبيرة بلغت 99٪، بواقع 198 مفردة. تلتها المنتديات ومواقع الإنترنت الأخرى بنسبة 59٪، وجاءت الصحافة في المركز الثالث بنسبة 31٪، ثم التلفزيون بنسبة 28٪، والراديو بنسبة 24٪ .
ويُشير كل من مفهومي " المواطن الإعلامي" و"صحافة الشارع " إلى مدوني الإعلام الجديد وشبكات التواصل الاجتماعي، الذين ليسوا بالضرورة متسلحين بمعايير وأخلاقيات العمل الإعلامي.
الحلول:
تكمن حلول معالجة انتشار الشائعات والأخبار المضللة في إقامة البرامج التوعوية حول كيفية التأكد من المعلومات قبل نشرها، وتشجيع أعضاء مواقع التواصل الاجتماعي على الإبلاغ عن الشائعات، ودعم وتشجيع المنصات العاملة في التحقق وتدقيق المعلومات. بيد أن هناك طرق وأساليب وأدوات ذهنية وتقنية، تمكن الأشخاص من ممارسة عملية التحري تجاه المحتوى المتداول، والتحقق منه، للتأكد من صحته أو للكشف عن زيفه وتضليله. ومن أجل التعامل الجيد مع الشائعات يجب على الصحفي إتقان مهارات البحث الإلكترونية والوصول السريع للمعلومة، وامتلاك الرغبة الدائمة في معرفة التفاصيل الخفية، وعدم التسليم بكل ما يقال، وكذلك ينصح بالتواصل هاتفياً مع مصدر الإشاعة. كذلك ينصح بحظر أصحاب الحسابات الكاذبة ممن يروجون للشائعات، واتباع سلسلة من الخطوات للتحقق من المعلومة أو لمكافحة إشاعة؛ وتبدأ أولاً بالتأكد من مصدر المعلومة، إذا لم تكن منسوبة لمصدر رسمي داخل الدولة، والتأكد ما إذا كانت منسوبة لمصادر خارجية، ثم الإسراع في نشر المعلومة الحقيقية عند تبين عدم مصداقية المعلومة المتداولة بين رواد منصات التواصل.
ومن واقع التجربة يتحدث الصحفي أبو حية في إحدى تقاريره عن كيفية التحقق من الأخبار الزائفة وتبيان الحقيقة، قائلاً: "في بداية الأمر أجري إتصالات بجهات الاختصاص، للاستفسار عن المعلومة واستيضاح تفاصيلها، ثم أنشر ما توصلت له من حقائق على وسيلة الإعلام التي أعمل لصالحها، وأيضاً على حساباتي الخاصة، وأحياناً أتواصل مع مصدر الإشاعة وأوضح له الأمر". وينصح أبو حية الصحفيين بالاختلاط الدائم في ساحة الأحداث ومتابعة المصادر والحسابات الموثقة للمؤسسات والجهات المسؤولة المتوفرة على منصات التواصل، وأيضاً تعزيز العلاقات مع جميع الفئات المجتمعية دون إستثناء، مما يساعد في سرعة نفي الإشاعة مع تقديم المصداقية والموضوعية على السبق الإخباري.
وتكمن آليات كشف الشائعات في تحديد مدى غرابة الأخبار وعدم معقوليتها، ومعرفة ما إذا كان الحساب غير رسمي أو بإسم مستعار، بينما هناك مواقع أو أشخاص انفردوا بالخبر في حساب بعينه، لذلك يجب عدم ترديد الأخبار مجهولة المصدر وعدم مشاركتها عبر الحسابات والصفحات، وإنشاء مرصد للشائعات وتكذيبها، كذلك نشر الثقافة الإخبارية الإعلامية بين المستخدمين، وزيادة الوعي بكيفية التمييز بين الأخبار والشائعات. ولقد برزت العديد من المبادرات الشبابية والمنصات اليمنية والعربية لمحاربة الأخبار الزائفة والتأكد من صحتها.
كما أن هناك العديد من أدوات التحقق من المعلومات نسرد هنا بعضها:
- (Google Reverse image search): باستخدام البحث العكسي للصور عبر جوجل، يمكن العثور على صور مطابقة أو مماثلة للصورة المستخدمة في البحث.
- (Yandex): من أفضل محركات البحث العكسي للصور مع قدرة قوية على التعرف على الوجوه والمناظر الطبيعية والكائنات
- (البحث بالصورة): برنامج البحث العكسي للصور.
https://play.google.com/store/apps/details?hl=ar&id=com.palmteam.imagesearch
- (TinEye): برامج آخر للبحث العكسي عن الصور .
https://tineye.com/
https://yandex.com/images/
- (PimEyes): أداة متعددة الأغراض تسمح بتعقب الوجه على الإنترنت واستعادة حقوق الصورة.
https://pimeyes.com/en/
- (InVID): أداة التحقق من الفيديوهات.
https://www.invid-project.eu/
- (NewsGuard): أداة التحقق من الأخبار.
https://www.newsguardtech.com/
-(Fact Mata): التحقق من صحة المعلومات.
https://factmata.com/
- (Forensically): تضم مجموعة من الأدوات المجانية الرقمية للكشف عن الصور المعدلة عن طريق تحليل مستوى الخطأ ELA واستخراج البيانات الوصفية.
- (watch frame by frame): موقع يسمح بمشاهدة مقاطع فيديو YouTube و Vimeo بالحركة البطيئة و يساعد في عزل اللقطات.
- (AutoStitch): تطبيق يسمح بالتعرف تلقائيًا على الصور المطابقة.