عدن: احتجاجات نسائية متصاعدة في وجه الأزمات المعيشية والخدمية

عدن: احتجاجات نسائية متصاعدة في وجه الأزمات المعيشية والخدمية

  عدن: احتجاجات نسائية متصاعدة في وجه الأزمات المعيشية والخدمية 
كتبت/ لطيفة الظفيري 
   في مشهد يعكس تطور الحراك المدني، شهدت مدينة عدن الأمس مظاهرة نسائية حاشدة في ساحة العروض بمنطقة خور مكسر، حيث تجددت الاحتجاجات للمرة الثانية خلال أسبوع وسط تصاعد حالة الغضب الشعبي جراء استمرار أزمة الخدمات الأساسية. 

   رفعت النساء المشاركات شعارات واضحة تعبر عن مطالبهن، منها "الشعب يريد كهرباء وماء"، "لا للجوع"، و"يكفي"، في تأكيد على حجم المعاناة اليومية التي تواجهها الأسر العدنية بسبب الانقطاع المتكرر للكهرباء وشح المياه وارتفاع تكاليف المعيشة.  
  بدأ هذا الحراك استجابةً لدعوات أطلقتها حركة نسائية تحمل شعار "ثورة النسوان" . انطلقت هذه الدعوات عبر منصات التواصل الاجتماعي كمبادرات فردية، لكنها سرعان ما تحولت إلى فعل جماهيري منظم، يعكس حجم الغضب الشعبي تجاه الأزمات المتفاقمة التي تتفاقم يومًا بعد يوم.    
   ورغم التحديات، حرصت النساء المشاركات في الاحتجاجات على التنسيق المسبق مع الجهات الأمنية لضمان سير الفعالية بشكل سلمي، وهو ما يعكس نضج الحراك المدني النسائي، الذي يسعى إلى تحقيق مطالبه بعيدًا عن العنف أو الفوضى. وقد أكدت الناشطات أن استمرار هذه التحركات أمر حتمي طالما بقيت الأزمات بلا حلول، مؤكدات على أهمية إيصال صوت المرأة العدنية إلى الجهات المعنية.  
   تواجه مدينة عدن منذ سنوات أزمة متفاقمة في قطاع الخدمات العامة، حيث يعاني السكان من الانقطاعات الطويلة للكهرباء، مما يؤثر على مختلف جوانب الحياة اليومية، بدءًا من تشغيل المرافق الصحية والتعليمية وصولًا إلى الأنشطة الاقتصادية. كما أن أزمة المياه تضيف عبئًا إضافيًا على السكان الذين يضطرون إلى البحث عن حلول بديلة في ظل شح الإمدادات الحكومية.  
   وفي الوقت الذي تعاني فيه الأسر من هذه التحديات، ترتفع تكاليف المعيشة بشكل غير مسبوق، حيث أثرت الأزمة الاقتصادية على القدرة الشرائية للسكان، مما زاد من معاناة الفئات الأكثر ضعفًا، خاصة النساء والأطفال وكبار السن. هذه الظروف دفعت النساء إلى التحرك والمطالبة بتحسين الأوضاع، خاصة في ظل غياب أي تدخل حقيقي لمعالجة هذه الأزمات المتفاقمة.  
   لم تمر هذه الاحتجاجات دون اهتمام دولي، حيث أشار المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن،  هانس غرندبيرغ ، في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن، إلى هذه المظاهرات النسائية، معتبراً أنها تعكس مستوى التدهور المعيشي في البلاد. وأكد غرندبيرغ أن خروج النساء في مظاهرات سلمية يبرز المعاناة المتزايدة للمجتمع المدني بسبب تراجع الخدمات العامة وارتفاع تكاليف المعيشة، مشددًا على ضرورة استجابة الجهات المعنية لهذه المطالب المشروعة.  
 
   تُشكل هذه الاحتجاجات نقطة تحول في المشهد الاجتماعي، حيث تعكس إرادة جماهيرية تتحدى التحديات السياسية والاقتصادية من أجل المطالبة بأبسط الحقوق الإنسانية. ومع استمرار الحراك النسائي، يبقى السؤال الأهم: هل ستلقى هذه المطالب استجابة فعلية من السلطات، أم أن الأزمة ستظل تراوح مكانها وسط التعقيدات السياسية؟  
   لا شك أن الأيام القادمة ستكشف مدى تأثير هذا الحراك النسائي على صناع القرار، حيث يتطلع المواطنون والمواطنات إلى خطوات ملموسة تعكس جدية في معالجة المشكلات المتفاقمة. وفي ظل تصاعد هذا الوعي الشعبي، يبدو أن الاحتجاجات لن تكون مجرد حدث عابر، بل قد تمثل بداية لمسار جديد يهدف إلى تعزيز الحقوق الأساسية وضمان حياة كريمة لجميع سكان عدن.