الشباب والمشكلات الدراسية

الشباب والمشكلات الدراسية

الشباب والمشكلات الدراسية 

   تُعد مرحلة الشباب أهم المراحل العمريّة في حياة الفرد؛ حيث تتكون شخصيته، واستقلاليته، وفيها يُشكل اللبنة الأساسيّة لبناء المجتمعات؛ فهو حاضرها ومستقبلها وأداة تمكينها وقوتها اجتماعيًا واقتصاديًا وثقافيًا وسياسيًا. ومن ذلك يُعتبر الشباب "المادة الخام" التي تقوم الجامعة بتشكيلها إلى كوادر بشريّة، لمواجهة قضايا التنميّة بجوانبها المختلفة.

  ويُواجه الشباب في الدول النامية -وعلى وجه الخصوص اليمن- العديد من المشكلات الدراسيّة خلال المرحلة الجامعيّة، والتي تنبع من صعوبة الإنفاق على التعليم وإهماله من جانب الدولة، ومن الفراغ التربوي للشباب، والمنعكس على بنيتهم النفسيّة والعقليّة، وعلى توجهاتهم الثقافيّة والأخلاقيّة والاجتماعيّة والسياسيّة. 

   أهم المشكلات الدراسيّة التي يُعاني منها الشباب:

   1. ارتفاع تكاليف التعليم، حيث تُشكل الرسوم الجامعيّة عبئًا كبيرًا على الشباب، مما قد يُعيق إكمال مسيرتهم التعليميّة.

   2. جمود نظام القبول؛ القائم على نسبة النجاح في الثانويّة العامّة، وعلى المقابلة الشخصية "اللاَّموضوعيّة"، فضلًا عن عدم وضوح معايير القبول -خاصة في الجامعات الحكوميّة- وتدخل الوساطة والمحسوبيّة.

   3.  انخفاض جودة التعليم، بسبب إهمال طرق التعليم "الفعالة" القائمة على دعم قدرات الطلاب، وتنميّة مواهبهم، وإعدادهم لسد احتياجات سوق العمل (أهم مخرجات الجامعة). بالإضافة إلى ضعف ومحدوديّة المناهج وعدم مسايرتها للتغيرات والتطورات العالميّة. أدت هذه المشكلة إلى جعل خريجي التعليم -على مختلف مستوياتهم- يشكلون عبئًا على المجتمع "لا جزءًا مهمًا فيه"، وإلى انتشار ظاهرة البطالة والهجرة الى الخارج.

   4. انتِشار ظاهرة تأليف الكتب الخارجيّة وتلقي المعلومات بشكل كمّي عالي، والتي توجه اهتمام الطلاب نحو الحفظ والاستذكار والنجاح في الامتحان، دون الاهتمام بالفهم والإبداع والتطبيق، ومنها يفتقد الطالب للهدف الرئيس من التعليم وهو تنمية قدراته الطبيعيّة. تعتبر المشكلة كارثة خطيرة، وخصوصًا إذا ما ارتبطت بالتخصصات التطبيقيّة مثل الطب والهندسة.

    5. صعوبة إدارة الوقت، بسبب الضغط الناتج عن الدراسة، وعدم التوازن بين العمل الأكاديمي والحياة الاجتماعيّة والشخصيّة، وتزداد هذه المشكلة عندما يعيش الطالب بعيدًا عن عائلته في سكن منفصل، وعندما يواجه تحديات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات واستخدامها "غير الرشيد". تؤثر هذه المشكلة سلبًا على تحصيل الطلاب ونتائجهم العامة.

   6. الاضطرابات النفسيّة الناتجة من التوقعات الأكاديميّة، ومن طبيعة الأنظمة التعليميّة "التنافسيّة". تؤدي هذه المشكلة إلى تراجع صحة الطالب العقليّة، وانخفاض تحصيله الأكاديمي العام.
 
   7. صعوبة تحديد المسار الأخلاقي، والانحراف الفكري، وتبنـي أفكار العنف. وتظهر هذه التحديات نتيجة التحولات الاجتماعيّة التي يشهدها العالم.


   الحلول:
   وبناءً على ما تقدم نستطيع هنا تقديم مجموعة من الحلول التي من شأنها أن تعالج مشكلات الشباب الأكاديميّة، التي يجب الإعتراف بها أولًا، وإدراك أن الرحلة إلى معالجتها ليست بالسهلة، حيث تتطلب الصبر، وتضافر الجهود، واتّخاذ القرارات المستنيرة. ويُمكننا عرض الحلول كالتالي:

   1. زيادة التمويل الحكومي لقطاع التعليم، وتخصيص صناديق خاصة لدعم الطلاب المحتاجين؛ وهي عبارة عن منح ماليّة أو قروض تعليميّة تساعدهم على تغطية تكاليف الدراسة.

  2.  تحديث أنظمة القبول والتسجيل في الجامعات والمؤسسات التعليميّة لتكون أكثر شفافية وعدلًا، ولتحقيق ذلك يُمكن تطبيق نظام القبول "الأوتوماتيكي"، وتكوين لجان مستقلة لمراجعة عملية القبول وضمان تطبيق المعايير، التي يجب توضيحهها وجعلها متاحة للجميع.

   3. تطوير جودة التعليم، ويمكن تحقيق ذلك عبر تطبيقات فنيّة اقترحها جاردينر إل جي، وهي:
   - الرسالة والأهداف الواضحة للمؤسسة التعليميّة.
   - الملاحظة والاستمراريّة في تطوير كفاءة البرامج وتوضيحها للطلاب.
   - تقديم المناهج المتماسكة والمتوافقة مع الحاجات النفسيّة للطلاب.
   - تهيئة الفصول الدراسيّة المناسبة.
  - تقديم التوجيه والإرشاد الأكاديمي للطلاب، من جانب المرشدين المتدربين على تقديم هذه الخدمة.

   4. تعزيز الفهم والتطبيق لدى الطلاب، من خلال استخدام أساليب تعليميّة تشجعهم على التفكير النقدي والتطبيق العملي للمعلومات. كما يمكن استخدام الأساليب التفاعليّة مثل المناقشات الجماعيّة، والتعلم القائم على المشروع وحل المشكلات.

  5. اتباع الإجراءات العمليّة لإدارة الوقت لتحقيق التوازن بين العمل الأكاديمي والحياة الاجتماعيّة والشخصيّة، من أبرز هذه الإجراءات، إعداد جدول دراسي والاحتفاظ به، وتحديد الأهداف وترتيب الأولويات وكتابتها على الورق، والمذاكرة بشكل دوري لتقليل القلق والتوتر وتعزيز التحصيل الأكاديمي. وفيما يتعلق بتحديات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات واستخدامها "غير الرشيد"، فإن معالجتها تتطلب وعي يشحذه وينميه نظام تعليمي قادر على إعداد طلابه على نحو يمكنهم من تلقي المعلومات وإخضاعها للنقد والتحليل والانتقاء، ومن استخدامها وتوظيفها في واقع الحياة العلميّة والعمليّة. وهذا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال إجراء تغييرات جوهريّة في منظومة الحياة العامة وفي منظومة التعليم (الجامعي على وجه الخصوص).

   6. دور الأسرة، مساعدة الأبناء على وضع توقعات واقعيّة لمستقبلهم، وعلى اتّباع خطة زمنيّة لتحقيقها، ومنحهم مساحة حوار "غير قضائيّة" للحديث عن مشاكلهم الأكاديميّة، ومساحة دراسيّة مناسبة خالية من عوامل التشتيت، سواءً كانت ضوضاء أو إغراءات رقميّة. بالإضافة إلى تعزيز نهج عقلية النمو لديهم لتشجيعهم على رؤية الفشل كفرصة للنمو والتطور، بدلًا من التركيز على الدرجات ونتائج الاختبارات.


   المراجع:
   (1). بغدادي، منار: السياسة التعليمية في الدول النامية والمتقدمة. المكتب الجامعي الحديث. 2009، ص 22.
   (2). البهواشي، السيد؛ وآخرون: العولمة والتعليم الجامعي. عالم الكتب، عمان 2006، ص 131.
   (3). رجب، مصطفى: تعليم جديد لقرن جديد. الوراق للنشر، عمان 2008، ص 65.
   (4). القاضي، سعيد: الجامعات العربية (تحديات وطموح). المؤتمر العربي الثاني، مراكش 2008، ص 294.
   (5). الكندري، نبيلة: كتاب إدارة التعليم العالي والشؤون الطلابية. مكتبة الفلاح، الكويت 2013، ص 23-24.
   (6). مجاهد، محمد؛ المتولي، بدير: الجودة والاعتماد في التعليم الجامعي. المكتبة المصرية، 2006، ص 90.
   (7). المنظمة العربية للتنمية: إدارة منح ومعونات التعليم في الوطن العربي. بحوث واوراق عمل مؤتمر المعونات والمنح الدولية واثرها على التنمية قي الوطن العربي، 2010، ص 35.
   (8). المنظمة العربية للتنمية الإدارية (جامعة الدول العربية): مخرجات التعليم العالي وسوق العمل في الدول العربية. بحوث وأوراق عمل ملتقي مخرجات التعليم العالي، المنامة 2010، ص 113.