حكايات من القلب: نساء كسرن حاجز الصمت عن العنف.

حكايات من القلب: نساء كسرن حاجز الصمت عن العنف.

حكايات من القلب: نساء كسرن حاجز الصمت عن العنف

   تأتي هذه الحكايات في إطار حملة أطلقتها منصة "نون وشين" على مدار أكثر من 16 يوم، تحت عنوان "العلاقة بين العنف المنظم ضد النساء والمساواة بين الجنسين"، بمناسبة "16 يوم لمناهضة العنف ضد النساء". وهذه الحكايات ليست مجرد سرد، بل هي تجارب حقيقية مستمدة من قصص ناجيات من العنف المبني على النوع الاجتماعي في مدينتي صنعاء وعدن، أجريت مقابلات معهن لكشف الواقع الذي عانين منه، مع استخدام أسماء مستعارة للحفاظ على خصوصيتهن وأمنهن.

ما فيش عندنا بنات تتطلق
   عانت فجر (أسم مستعار) من عنف كبير من زوجها، اللي كان أحد أقربائها. كانت تعيش معه أيام صعبة، وعنف مستمر، وكانت دائمًا ما تسمع من أهلها "تحملي، ما فيش عندنا بنات تتطلق"! لدرجة إنها فقدت أطفالها بسببه، وتخيلوا كيف كمية الوجع والضغط اللي كانت تشعر فيه!!
   قررت فجر إنها ما تستمر في هذه الحياة وطلبت الطلاق، ومن بعده واجهت صعوبة مع والدتها، اللي ما كانت تقبل قرارها، وأصبحت تعاملها معاملة سيئة. وكانت تقول لها "ما فيش عندنا بنت تتطلق، عيب!" لكن فجر كانت قوية وواصلت في حياتها. واليوم بَنت حياة جديدة لنفسها. 
   قصه فجر تبين لنا أن العنف القائم على النوع الاجتماعي ممكن يُمارس من الأهل نفسهم، وأحيانًا حتى من النساء لبعضهن.  للأسف، تربينا في بيئة متغذية على أفكار خاطئة، بتشجع على ممارسة العنف.  ومع ذلك، قصة فجر بتذكرنا أنه مهما كانت الظروف، القوة فينا، وقرار حياتنا بيدنا!

انتصرت انتصار
   بعد كثير من الصبر الذي كان الشك والتخوين عنوانه الأول، قررت "انتصار" (اسم مستعار) أن تنتصر لنفسها!
   تقول: "تمنيت لو أن سنة الخطوبة لم تكتمل، فبعدها رأيت كل شيء بحقيقته." هكذا وصفت "انتصار" زواجها حيث عانت فيه الأمرّين من زوجها الذي كان يخنقها بظنونه وشكوكه ويقيم علاقات عاطفية مع نساء أخريات على مرأى منها. هذا الحصار الخانق انتهى برحيلها إلى منزل والدتها وهي حبلى بطفلتها، لتبدأ مرحلة جديدة من حياتها هناك.
  لم يأتِ والد الطفلة بعد ولادتها إلا نادرًا وبيده القليل مما لا يسد حاجاتها. وبعد سلسلة من الأحداث، انتهى هذا الزواج وكانت الطفلة حصيلته الوحيدة. بذلت "انتصار" الكثير لأجلها، متنقلة بين أروقة المحاكم وبين المحامين والمستشارين، لتضمن لها حقها في النفقة، في ظل رغبة والدها بالتنازل عنها! 
  انتصرت "انتصار" لطفلتها عندما قررت حمايتها من العيش في بيئة والدها السامة وتحملت لأجلها قرارًا صعبًا كالطلاق. لكنها اليوم تعيش حياة هادئة مع طفلتها، مؤمنة أن النضال لأجل النفس والكرامة هو أسمى أشكال الانتصار.

العنف ضد المرأة: قصة سارة
تعاني سارة (اسم مستعار) من التعنيف المستمر من شقيقها الأكبر. ورغم كل ما تتعرض له، لا يبدي والدها أي ردة فعل، وكأن العنف الذي يمارسه الأخ أمر عادي.
   وفي يوم، تطور الأمر إلى أن ضربها في الشارع أمام الناس. والغريب هو أن ردود فعل الناس كانت أكبر من رد فعل والدها. حينها، قررت سارة أن ترفع صوتها وتشتكي إلى اتحاد النساء وبعض المنظمات، لكن والدها قابلها بعبارة مؤلمة: "أنتِ لا تستطيعين فعل شيء، أنا الحاكم والمحكوم، وهو أخوك يفعل ما يحلو له، وعليك فقط أن تسامحيه"!
   وللأسف، هذه ليست قصة سارة فقط، بل هي واقع تعيشه الكثير من النساء في اليمن، حيث لا يوجد قانون يجرم مثل هذه الأفعال، ولا يوجد أي دعم حقيقي يساعد المرأة لتأخذ حقها. وهذا نوع آخر من أنواع العنف القائم على العنف الاجتماعي في اليمن!

اختيار لم تختار
  قرر جد اختيار "اسم مستعار" أن يزوجها لشخص يكبرها بعشرين عام، لم تختَر مصير حياتها اللاحقة واكملت باختيارات سيقت لها.
زواجها كان صدمة ثانية لها على حد وصفها، إذ أنّ صدمتها الأولى كانت بوفاة والدتها وهي بسن السادسة وتزوج والدها وسكنها بمنزل جدها. أما صدمتها الثالثة تمثلت بموت زوجها وتكالب عائلته عليها وأطفالها دون رحمة، ووصل الحال لدرجة أن عم الأطفال بدأ بالتحرش بهم!
   بعد كثير من المعاناة والاستنجاد بجهات خارجية، تمكنت اختيار من فصل المنزل واستقرارها وحدها فيه، وبعد تمكينها اقتصاديًا استطاعت النهوض والقيام بدور الأب والأم لأطفالها وكما تقول: تشعرهم بالقوة وأنها سند لهم" .
   قصة "اختيار" تبرهن أن سلب حرية المرأة في الزواج قد يؤدي إلى ألم طويل، لكن الإرادة والصلابة قادرتان على تخطي أقسى الظروف، ورغم كل الصدمات أثبتت أنها قادرة على النهوض مجددًا، لتعيد بناء حياتها وتكون السند لأطفالها.

التحدي من أجل التعليم
   أنا وداد (اسم مستعار)، عندما عاد والدي من اغترابه، كان عندي أمل أنه سيدعمني في تعليمي. لكن الأمور لم تكن كما توقعت. حاول والدي إقناعي بالتخلي عن الدراسة، لأنه يعتبر أن خروج الفتاة للتعليم والجامعة يعني أنها أصبحت امرأة غير محترمة. لكن رغم ذلك، لم أستسلم. وبعد عدة محاولات، وافق على أن أواصل دراستي، لكنه فرض شروطًا صعبة، وهي أن أقوم لوحدي بجميع أعمال المنزل، وأن أتحمل جميع مصاريفي الجامعية. 
   لذلك، كنت أقطع مسافات طويلة للوصول إلى الجامعة، وغالبًا ما كنت أفتقر للمصروف، وأجلس فترات طويلة بدون فطور، وأتحمل الجوع حتى أعود للمنزل في المساء!