سموم المجتمع

سموم المجتمع
كتبت/ ريم درويش
التحرّش بالأطفال... لطالما همست به الجدران، وتناقلته الألسن خفية، لكنه اليوم يُعلن عن نفسه بوقاحة، ويستبيح طفولة باتت أسيرة الصمت.
الكثير من الحكايات دُفنت في الصدور، والكثير من الأرواح البريئة اغتيلت في مهدها. لكن هذا الانتشار المرعب، ما هو إلا صرخة مدوية، تكشف عن خذلان الأهل، وخوف الضحايا، وتستّر الجناة. وهذا يمنح الوحوش فرصة للفتك بأطفالنا، ونشر سمومهم في مجتمعاتنا.
ولذلك، فالسكوت ليس حلًا، بل يجب التصدّي لكل من يقترف هذا الفعل الدنيء، دون خوف أو تردّد.
غالبًا يتبين عندما تكشف القضايا المتعلقة بهذا الموضوع، والتي تصل إلى الأطباء النفسيين، أن الطفل لم يحظَ بالتوعية الكافية من أهله، ولم يجد الأمان الذي يدفعه للحديث معهم عن أول بادرة تحرّش.
منهم من يقول: "أرى أبي دائمًا متجهّمًا، ولو أخبرته، قد يقتلني"، فيلتزم الصمت. وإذا تحدّث مع أمه، قد تتّهمه بالذهاب مع هذا الوحش، ولن تُحسن الظن بأنه اختُطف رغماً عنه. والكثير من القصص يكون أساسها الخوف والضياع اللذان يسببهما الأهل.
لذا، يجب علينا توعية الأهل، ومراقبة أبنائهم، ولكن بطريقة لا تشعرهم بالذنب أو بانعدام الثقة. وينبغي أيضًا الحذر من الأقرباء، فليس كل شخص لديه خشية من الله ودين قويم.
وقد أبرزت الدراما المصرية ذلك، في مسلسلاتها التي تناولت هذه القضايا، وألقت الضوء على أهمية التوعية، وتساهل الآباء، وعدم فهمهم لأبنائهم.
ننصح كل أم وأب، وكل عائلة، بالتقرّب من أطفالهم، وتوعيتهم، ومنحهم المساحة الكافية للتحدّث دون خوف أو تردّد. وإذا أخطأوا، فليست نهاية العالم، بل قوّموا الخطأ بالصواب، وبالمعاملة التي تجعلهم يشعرون بأنهم في حماية من أي وحش كاسر، وتمنحهم القوة للوقوف في وجه أي متحرّش والإبلاغ عنه، ليكون عبرة لكل من تسوّل له نفسه الانزلاق نحو الانحطاط الأخلاقي.