الشباب ومشاكل ما قبل الزواج 

الشباب ومشاكل ما قبل الزواج 

الشباب ومشاكل ما قبل الزواج 

 يُعد الزواج من أقدس روابط الحياة، والالتزام الشخصي، الذي يقتضي حشد أقصى ما يمكن من القوة والشجاعة والحكمة لإتّخاذ القرارات والإجراءات المتعلقةِ به سواءٌ ما قبل الإقْدام عليه، أو أثناءه من أجل الحفاظ على استمراريته.
   يواجه الشباب قبل الزواج مجموعة من المشاكل، تؤدي أما إلى تراجعهم وعزوفهم عنه، أو إتْمَامه دون أساس قوي ومتين، إذا ما تم التعامل معها بشكل صحيح.

   أولاً. المشاكل الاجتماعيّة:
   يأتي في مقدمة المشاكل الاجتماعيّة مسألة "اختيار شريك الحياة"، حيث يتعرض الغالبيّة من الشباب إلى ممارسة الأهالي الضغط عليهم لتزويجهم ممن يريدونه، بأعتبارهم المرجعيّة الهامة لإتخاذ القرارات المصيريّة المتعلقة بحياة أبنائهم، ومن هنا يبرز "زواج الأقارب" الذي له ارتباط كبير بتطلعات وقرارات الأهالي "غير المسؤولة"، لما له من أخطار صحيّة واجتماعيّة عديدة.
وينتشر  زواج الأقارب في الكثير من الدول العربية، يأتي في مقدمتها السعودية بنسبة 60%، ثم الكويت 54%، ثم مصر 52%، ثم اليمن والعراق 50%. وإلى جانب زواج الأقارب يعترض زواج الشباب مشكلات أخرى، مثل وجود خيار السكن مع الأهل، أو رغبة أحد الشريكين في إتمام التعليم، أو وجود الفوارق الاجتماعيّة بينهما؛ مثل عدم تكافؤ المستوى التعليمي والفكري، أو الاختلاف في العمر، أو في أسلوب الحياة والميول والرغبات. وينتج عن جميع ذلك عدم تحقيق التوافق بين الطرفين سواءٌ قبل الارتباط أو بعد الزواج.
  
   ثانيًا. المشاكل الاقتصاديّة:
   تَتمثل أغلب المشاكل الاقتصاديّة في غلاء المهور والمعيشة، وكثرة متطلبات الزواج، وصعوبة إيجاد فرص عمل، ومصدر دخل ثابت، أيضًا اختلاف الشريكين قبل الزوج حول الأمور المالية؛ مثل كيفية الإنفاق، وطريقة التعامل مع الديون والادّخار، وغيرها.

   ثالثًا. المشاكل النفسيّة:
  نرى أن من أهم المشاكل النفسيّة التي يواجهها الشباب اليوم قبل الزواج هي مشكلة "الخوف" الذي تتعدد أسبابه ودوافعه، إلا أنه في الغالب ينبع من التجارب السلبيّة التي شاهدها الشباب من عائلاتهم، أو من معايشة تجارب سابقة. وتتعدد أشكاله؛ الخوف من الفشل، أو الخوف من عدم تلبيّة احتياجات الزوجين العاطفيّة، أو الخوف من عدم القدرة على التكيف والتأقلم مع المسؤوليات الجديدة، أو الخوف من تكرار تجارب مؤلمة وفاشلة.
وتظهر هذه المخاوف على هيئة تساؤلات، هل سأتمكن من رعاية زوجتي/ زوجي وأولادي؟ هل سأتمكن من تلبيّة رغباتهم؟ هل سأرى نفس المعاملة الّتي تلقيتها من أسرتي؟ هل سأتعرض للعنف؟ هل سأتعرض للخيانة؟ ويعاني الشباب ايضًا -إلى جانب الخوف- الاكتئاب والحزن الشديد في الأشهر القليلة التي تسبق الزفاف، والذي تظهر أعراضه على هيئة توتر، أو أرق، أو إجهاد بدني ونفسي، أو نوبات بكاء. وجميعها تُعد أمرًا طبيعي، غالبًا ما تحدث عند الإقبال على أي خطوة جديدة أو مصيرية في الحياة، بل ويعتبرها البعض"توترًا ايجابيًا"، سببه الرئيس ارتفاع نسبة هرمون الكورتيزول (Cortisol) في هذه المرحلة بالذات.

   رابعًا. المشاكل الصحيّة:
  تظهر المشاكل الصحيّة قبل الزواج، عند إجراء أحد الشريكين أو كلاهما لفحوصات واختبارات قياس الحالة الصحيّة "الإيجابيّة"، الّتي غالبًا ما تتم عند زواج الأقارب، الذي يورث العديد من الأمراض، منها: (ضمور المخ، ومتلازمة داون، والصرع، ومرض السكري، والثلاسيميا).

   يَتطلب أمر معالجة مشاكل الشباب في مرحلة ما قبل الزواج، بدايةً، معرفة ماهيّة الزواج وقدسيته وضوابطه، وترجيح محاسنه على جميع المشاكل والعراقيل الّتي قد تواجهه، من أهمها أنها تحصن الشباب من الوقوع في الرذائل. ومن ثم يأتي الحرص على تواصل الشريكين -وفق الضوابط الشرعية- بغرض التخطيط والتنظيم لحياتهما المقبلة، ومصارحة بعضهم البعض في حالة وجود أية مشاكل أو مخاوف، والذي من شأنه أن يؤدي إلى القضاء عليها.
ويجب الحرص ايضًا على مشاركة الأهل والأصدقاء المقربين، في مواجهة المشاكل المختلفة التي تعترض الشريكين، فالأسرة -بشكل خاص- لها دور كبير في دعم أبنائها على الزواج، وتكوين نظرة ايجابيّة عنه، بل أنها عامل رئيس في تشكيل مواقفهم وقراراتهم في جميع أمور حياتهم.

   وإضافة إلى ما تقدم، نوصي بضرورة:
  - إجراء فحوص طبية قبل الزواج.
  - الالتِحاق بِبرامج التأهيل للزواج، لاِكتساب المهارات الحياتيّة المختلفة.
   - الاِستعانة باستشارات ما قبل الزواج، لمناقشة العديد من القضايا الهامة، منها مناقشة الشؤون المالية، ومسؤوليات قبل الزواج، والاِتّفاق والتحدث فيما يخص الإنجاب.
  - وجوب احترام الأسرة لخصوصيّة واستقلاليّة حياة أبنائهم الزوجيّة، والتدخل فيها بالشكل المسموح والمقبول.