المرأة اليمنيّة وحيازة جواز السفر.. حملة جوازي بلا وصاية
المرأة اليمنيّة وحيازة جواز السفر.. حملة جوازي بلا وصاية
حُرمت المرأة اليمنيّة لسنوات طويلة من حق الحصول على وثيقة جواز السفر دون موافقة وحضور ولي الأمر، على الرغم من أن القانون ينص على أنه لا فرق بين ذكر وأُنثى، وتساوي كلٌ منهما في الحقوق والواجبات، بل أن قانون الجوازات لسنة 1990 نص على: "تصرف جوازات السفر العاديّة ووثائق السفر، لكل من بلغ سن السادسة عشر من العمر، ممن يتمتعون بجنسيّة الجمهورية اليمنيّة، أما القصَّر فيُضافون في جواز سفر أحد الأبوين إن كان مسافرًا بصحبته".
أمام هذا الوضع ظهرت العديد من الحملات الحقوقيّة الرافضة شرط الوصايّة على المرأة لاستخراج جواز السفر، أبرزها حملة "جوازي بلا وصاية"، التي نَظمت عدة وقفات نسويّة حاشدة، للمطالبة بتطبيق قانون الجوازات لسنة 1990، ولائحته التنفيذيّة.
أثارت الحملة جدلاً واسعًا بين داعمٍ لها ومنتقدٍ ومعارضٍ، ولمعرفة المزيد حولها كان لنا لقاء مع أحد مؤسسيها، الناشط خالد غالب الشميري مدرب واستشاري، ومتخصص في المناصرة وحل النزاعات وبناء السلام. وباحث في برنامج الدكتوراه بكليّة الحقوق في جامعة تعز.
حدثنا عن بداية فكرة حملة "جوازي بلا وصاية"، ومتى تأسست؟
حضر كلٌ من الأستاذين شروق الرفاعي، وياسر المليكي، مساق تعليمي عبر الإنترنت، لمؤسسة أهل (Ahel) في الأردن، حول التنظيم المجتمعي، في نهاية 2020، وبداية 2021، وخلال التدريب تم تكليفهم بمناصرة إحدى القضايا المجتمعيّة، فاقترحوا قضيّة استخراج المرأة اليمنيّة لجواز السفر، ثم بدأوا بالبحث عن ناشطين مهتمين بهذا الجانب، وكنت ممن انضمَّ إليهم. شُكل فريق الحملة، وعقد أول اجتماع لها تقريبًا في شهر يونيو 2021، تم فيه توزيع المهام بين الأعضاء، ووضعت القواعد، ثم حددت الأنشطة التي سنسير عليها، لتحقيق هدفنا الرئيس؛ وهو حصول المرأة على جواز السفر دون وجود أية اشتراطات، وفقًا للقانون والشرع، حيث لا يعارض الإخير على ذلك، كما يزعم بعض المعارضين.
ما هي الآليات التي اعتمدت عليها الحملة في تحقيق أهدافها؟
فيما يخص الآليات التي لجأنا إليها لتحقيق أهدافنا، كان أولها إقامة الندوات التعريفيّة بالقضيّة، وبقانون الجوازات، الذي ينص على أحقية حصول المرأة على جواز السفر، دون اشتراط وجود ولي الأمر، وبالتالي وجوب تفعيل هذا القانون. حضر إلى الندوات مجموعة كبيرة من النساء، الفئة المتضررة في هذه القضيّة. بعد ذلك وسعنا نشاطنا، وقمنا بوقفة احتجاجيّة أمام مصلحة الجوازات في تعز، وتم الإعلان عليها في مواقع التواصل الاجتماعي، شكلت هذه الخطوة نقطة تحول كبيرة للحملة، إلى جانب مساهمة بعض كبار الناشطين بالإعلان عنها، مثل (ألفت الدبعي). بدأت الحملة تكبر شيئًا فشيئًا، وتفاعل معها الكثير. بعد ذلك واصلنا أنشطتنا، واجتمعنا برئيس الوزراء الدكتور معين عبد الملك، للمطالبة بتفعيل قانون الجوازات، فأصدر عدة توجيهات لكلٌ من (وزير الشؤون القانونيّة، ووزير الداخليّة، ورئيس مصلحة الجوازات، ثم لمكاتب مصلحة الجوازات في المحافظات)، تقضي بحصول المرأة على جواز السفر دون اشتراطات مثلها مثل الرجل. لم يتوقف عملنا حتى بعد إصدار القرار، فلازلنا حتى اليوم نتواصل مع جميع مكاتب الجوازات في المحافظات المختلفة -بالإمكانيات المتاحة لدينا- ونستقبل بعض الشكاوي القليلة جدًا.
من هو الداعم لحملة "جوازي بلا وصاية"؟
الداعم هو فريق الحملة، الذي قام برعاية جميع أنشطة الحملة وتقاسم تكاليفها.
ما هي الثمار التي حققتها الحملة؟
التزم مكتب الجوازات في تعز بالقرار -حصول المرأة على الجواز دون اشتراطات- بشكل كبير، وأكد لنا موظفيه أن المعاملات أصبحت أكثر سهولة، وقل الاِزدحام أثناءها، بعد أن كان يأتي مع المرأة مجموعة من المرافقين. أيضًا من الثمار، أصبحت آلية مطالبة المراة بحقوقها أكثر عملية، فسابقًا كان يتم الاكتفاء بمناقشة قضايا المرأة -ومنها استخراج جواز السفر- في الندوات والمؤتمرات والغرف المغلقة، ولا تطبق نتائجها في أرض الواقع. وبسبب ذلك واجهنا العديد من التهديدات والضغوطات، والمتابع لهذه الحملة يعلم ذلك جيدًا.
ما هي الرسالة التي تريد أن توجهها للمرأة اليمنيّة؟
الرسالة التي اوجهها للمرأة اليمنية هي أن تستمر في المطالبة بحقوقها، لكن بطرق مختلفة، تترجم جهودها على أرض الواقع. ومن جانب آخر، سد الفجوة بين أحقيّة المطالبة بحقوقها وبين آراء علماء الدين، والتي يعمل جزء من المجتمع لاستخدامها ضدها. يجب معرفة أن المرأة اليمنيّة ملتزمة جدًا بنصوص الشرع، لا بالآراء المتشددة دينيًا، اتمنى أن تحصل على حقوقها، وفقًا للقانون والشرع، وأن ترافق الرجل في بناء الوطن والسلام وتحقيق التنميّة.
واختتم الشميري حديثه: "يجب على المجتمع أن يدعم المرأة في الحصول على حقوقها، حتى تصبح شريك حقيقي للرجل في بناء السلام وتحقيق التطور والتنميّة في المجتمع".