تحديات وإنجازات: النساء اليمنيات في العلوم والتكنولوجيا

تحديات وإنجازات: النساء اليمنيات في العلوم والتكنولوجيا
كتبت/ لطيفة الظفيري
في عالم تتسارع فيه التطورات العلمية، لا تزال النساء اليمنيات يواجهن عقبات تعيق تقدمهن في مجالات البحث العلمي والتكنولوجيا. ومع ذلك، تمكنت العديد منهن من تحقيق إنجازات مشرفة، وفرضن وجودهن في الساحة العلمية.
أجرت منصة نون وشين حوارًا مع الدكتورة هدى عمر باسليم، الأمين العام لجمعية النساء اليمنيات في العلوم والتكنولوجيا، حول واقع المرأة اليمنية في البحث العلمي، وأهم الفرص والتحديات التي تواجهها، وكيف تسعى الجمعية لدعم وتمكين الباحثات اليمنيات.
دكتورة هدى، كيف بدأت فكرة نشاط جمعية النساء اليمنيات في العلوم والتكنولوجيا؟ وما أهدافها، ومجالات عملها؟
جاءت فكرة نشاط الجمعية استجابةً لحاجة ملحّة إلى إنشاء منصة تدعم النساء اليمنيات العاملات في البحث العلمي، حيث لاحظنا أن هناك كفاءات نسائية بارزة، لكن الفرص المتاحة لهن محدودة . بدأنا بتأسيس الجمعية في عام 2007م في محافظة عدن.
أوضحت أن من أبرز أهداف الجمعية، الاهتمام بالبحث العلمي في مختلف مجالات العلوم التطبيقية والطبيعية والتكنولوجية للباحثات اليمنيات في عموم محافظات الجمهورية، وإيجاد التواصل الدائم بين الباحثات اليمنيات داخل اليمن، وتنظيم التواصل مع الباحثات خارجه. كما تسعى الجمعية إلى تنظيم الحلقات الدراسية والندوات والورش العلمية، وإقامة الرحلات العلمية، إلى جانب مساعدة وتشجيع الباحثات من خلال تقديم التسهيلات المادية والتقنية حسب لوائح منظمة لذلك.
وأضافت أن الجمعية تهتم بإصدار مجلة علمية أو نشرات تهتم بنشر الأبحاث العلمية المختلفة للباحثات، كما تسعى للتواصل مع مختلف الجمعيات العلمية في داخل اليمن وخارجه.
وحول مجالات عمل الجمعية، أشارت إلى أنها تشمل توفير فرص للتشبيك والتواصل وتبادل المعلومات بين المؤسسات والأفراد من أجل تعزيز وزيادة مشاركة المرأة في العلوم والتكنولوجيا، وتنفيذ مجموعة من الأنشطة القائمة على العلم والتي تعالج الاهتمامات الوطنية بالعمل مع جميع مستويات المجتمع: القواعد الشعبية والمدارس والجامعات.
كما تسعى إلى إنشاء وتطوير استراتيجيات مختلفة لتعبئة الموارد المالية والبشرية لتحقيق الأهداف، وتمكين النساء في مجتمعاتهن وإيجاد سبل للتغلب على التحديات التي قد تواجه المرأة مثل التمييز والالتزامات الأسرية والظروف الاقتصادية والمعيشية.
ما الدور الذي تقدمه الجمعية في دعم النساء اليمنيات في المجالات العلمية؟
تعمل الجمعية على عدة محاور، منها التشبيك العلمي بين الباحثات اليمنيات ونظرائهن في الخارج، وإتاحة الفرصة للمشاركة في المؤتمرات الدولية، وتعريفهن بالمنح البحثية الدولية. كما أن الجمعية أصبحت عضوًا في "منظمة النساء في العلوم في العالم النامي"، وهو ما فتح للباحثات بابًا للاندماج في المجتمع العلمي العالمي.
كيف ترين وضع المرأة اليمنية في مجالات العلوم والتكنولوجيا؟
رغم أننا نشهد تقدمًا تدريجيًا في مشاركة المرأة اليمنية في المجالات العلمية، لا تزال هناك حواجز اجتماعية وثقافية تحدّ من انتشارها في هذا المجال. فالمجتمع اليمني يتميّز بخصوصية معينة، حيث يُنمط دور المرأة غالبًا على أنه محصور في نطاق الأسرة، مما يجعل مسيرتها البحثية تبدو ثانوية في نظر البعض. لكن هذا لا يعني أن المرأة غير قادرة على تحقيق النجاح، بل إنها بحاجة إلى مزيد من الدعم والتشجيع.
ما أبرز التحديات التي تواجه الباحثات اليمنيات؟
توجد عدة عقبات، أبرزها التحديات الاجتماعية، إذ إن تنميط دور المرأة في المجتمع يجعل مسيرتها البحثية تبدو ثانوية مقارنة بمسؤولياتها الأسرية، كما أن غياب بيئات داعمة مثل رياض الأطفال داخل الجامعات والمراكز العلمية يحدّ من قدرة الباحثات على مواصلة العمل العلمي.
وهناك التحديات البحثية والمؤسسية، والتي تتمثل في ضعف التمويل للأبحاث العلمية، حيث تحتاج المشاريع البحثية إلى مختبرات وتجهيزات متقدمة غير متاحة بسهولة، بالإضافة إلى أن تكاليف نشر الأبحاث في المجلات العلمية الدولية مرتفعة جدًا، مما يمنع الباحثات من نشر أعمالهن عالميًا.
وبالنسبة للتمثيل المهني والقيادي، فرغم وجود سيدات يشغلن مناصب قيادية مثل عميدات كليات ورئيسات أقسام، إلا أن العدد لا يزال محدودًا مقارنة بالرجال، كما أن بعض النساء يجدن صعوبة في إثبات وجودهن في بيئات البحث العلمي، رغم أنهن يمتلكن الكفاءة والقدرة على المنافسة.
كيف تسعى الجمعية إلى تجاوز هذه العقبات؟
نحن نعمل على عدة مستويات، توفير منح بحثية للنساء الباحثات، من خلال التعاون مع منظمات دولية مثل "منظمة النساء في العلوم" في العالم النامي. والتشجيع على نشر الأبحاث، من خلال دعم الباحثات للحصول على منح تساعدهن في تمويل عملية النشر. وإقامة ندوات وورش عمل لتعريف النساء بالفرص العلمية المتاحة، والمساعدة في توفير بيئة بحثية أكثر دعمًا.
هل هناك قصص نجاح بارزة للنساء اليمنيات في البحث العلمي؟
بالتأكيد! لدينا عالمات يمنيات حصلن على جوائز دولية، وفزن بمنح بحثية متميزة. على سبيل المثال، في عام 2013، فازت خمس يمنيات بجائزة المنظمة الدولية للنساء في العلوم، وكان ذلك بمثابة إثبات أن المرأة اليمنية قادرة على المنافسة عالميًا. كما أن الجمعية تمكنت من توفير منح دراسية لعشرات الباحثات لمتابعة دراساتهن العليا في مجالات مثل الطب والهندسة، وهذا إنجاز نفخر به.
كيف يمكن تحسين دعم النساء اليمنيات في العلوم؟
نحن بحاجة إلى سياسات مؤسسية أكثر دعمًا، مثل توفير منح بحثية مخصصة، وإنشاء مختبرات مجهزة داخل الجامعات، وتسهيل إجراءات النشر الدولي. كما يجب تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية مشاركة المرأة في العلوم، وكسر الصورة النمطية التي تحد من دخولها هذه المجالات.
في الختام، ما هي رؤيتك لمستقبل المرأة اليمنية في البحث العلمي؟
أؤمن أن المرأة اليمنية قادرة على تحقيق إنجازات عالمية إذا توفرت لها البيئة المناسبة. أحلم بأن تصبح اليمن مركزًا علميًا نشطًا، حيث تستطيع النساء قيادة المشاريع البحثية والتكنولوجية دون قيود، وأن نصل إلى مرحلة يكون فيها وجود النساء في العلوم والتكنولوجيا أمرًا طبيعيًا وليس استثناءً.