الاستغلال الوظيفي
مقال تحليلي وتثقيفي
منصة نون وشين
إذا وجدت نفسك مُطالبًا مرارًا وتكرارًا بتجاوز حدود قدراتك العقلية والجسدية لصالح العمل، وفعلت ذلك، ثم اكتفيت الإدارة بالثناء دون أي مكافأة ملموسة، فأنت بلا شك ضحية الاستغلال الوظيفي.
هذا النوع من الاستغلال هو أحد أشكال سوء استخدام السلطة في مكان العمل، ويهدف لتحقيق مكاسب شخصية على حساب الموظفين أو المؤسسة نفسها.
يظهر الاستغلال في تحميل الموظفين أعباء وأعمال شاقة بشكل تعسفي دون مراعاة قدراتهم، وفي التنمر النفسي أو الاجتماعي، سواء بشكل مباشر أو عبر حجب المعلومات، والتقليل من إنجازاتهم أو نسبه لآخرين، وأيضًا في العزلة الاجتماعية واستبعاد الموظف عن زملائه وأنشطة المؤسسة.
الاستغلال الوظيفي لا يؤثر فقط على الموظف، بل يمتد تأثيره ليصل إلى المؤسسة والمجتمع بأسره. فهو يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية والكفاءة، ويؤثر سلبًا على الصحة النفسية والجسدية للموظف، ويجعله يشعر بعدم الكفاية.
غالبًا ما يؤدي إلى فقدان التوازن بين العمل والحياة الشخصية وإهمال الهوايات، كما يسبب خسائر مادية للمؤسسة ويضعف الثقة والنزاهة فيها. إضافة إلى ذلك، قد تترتب عواقب قانونية على المؤسسة، حيث يمكن أن يواجه أصحاب العمل دعاوى مدنية وغرامات أو عقوبات، فضلاً عن التأثير السلبي على السمعة.
ولمواجهة الاستغلال الوظيفي، من المهم إدراك حقيقة أن العمل موجود لخدمة حياتك وليس العكس، فالكثيرون يغفلون هذه الحقيقة البسيطة. يجب توثيق كل حالات الاستغلال بدقة، سواء كانت كلامية أو كتابية أو سلوكية، ومن ثم طلب التوجيه من قسم الموارد البشرية أو مشرف موثوق، والاستفادة من برامج مساعدة الموظفين أو الاستشارات القانونية عند الحاجة.
ومن الضروري أيضًا وضع حدود واضحة في العمل، مثل رفض الأعمال الإضافية أو العمل في أيام العطل عند عدم القدرة على ذلك، فهذا يحمي الموظف نفسيًا ومهنيًا في الوقت نفسه.
أما على صعيد المؤسسات، هناك حاجة ملحة لتعزيز سياسات الحوكمة وتطوير قنوات آمنة للإبلاغ عن المخالفات، والالتزام بقوانين العمل ومعاملة الموظفين بعدل. هذه الإجراءات تقلل من المخاطر القانونية وتعزز بيئة عمل صحية ومنتجة.
في الختام، يعد التعرف على علامات الاستغلال الوظيفي والعمل على مواجهتها أمرًا بالغ الأهمية، سواء على مستوى الموظف أو المؤسسة. التشخيص المبكر واتخاذ الإجراءات المناسبة يضمن خلق بيئة عمل آمنة وعادلة ومنتجة، تحمي الموظف وتحقق الاستدامة للمؤسسة على حد سواء.