أهمية الثقافة التنظيمية

أهمية الثقافة التنظيمية

أهمية الثقافة التنظيمية 

   تُعَدُّ الثقافة التنظيميّة أهم عناصر البيئة الداخليّة لأي منظمة، إلى جانب الهيكل التنظيمي والموارد المتاحة. وقد أصبحت موضوعًا مهمًا وحديثًا في المجال الإداري والتنظيمي، حيث تؤثر بشكل كبير على المشاعر والسلوكيات لأفراد المنظمة والجهات ذات العلاقة بها، وتُقدم دورًا حيويًا في نجاحها. ازداد الاهتمام بالثقافة التنظيمية بعد الاعتراف بدور القيم في التنميّة، وخاصة بعد ظهور نظرية الإدارة اليابانية المعروفة باسم "نظرية Z" والنماذج التنمويّة الآسيويّة المعروفة بإسم "النمور الآسيويّة". (١) 

   تتألف الثقافة التنظيميّة من مجموعة رائعة من القيم والعادات والاعتقادات. وتعبر أيضًا عن قواعد السلوك والمعايير التي توجه تصرفات فريق العمل. وتتضمن الانتظام والتناسق في السلوك، والمعايير والقيم التي يتوقع من أعضاء المنظمة اتباعها، والقواعد التي تحدد السلوك المقبول وغير المقبول. كما تشمل الفلسفة والمناخ التنظيمي، الذي يعكس الجو العام في المنظمة وتفاعل الأفراد مع بعضهم ومع العملاء. (2)

   تعتبر ثقافة المنظمة ذات أهمية كبيرة نظرًا لتأثيرها الكبير على تجديد هياكلها التنظيميّة والقانونيّة، (3) وتنوع فلسفتها الإداريّة وأساليب القيادة. إنها قوة خفية تؤثر في كفاءة المنظمة وأداؤها، ويعتقد أن لها تأثير كبير على السلوك التنظيمي، وتعزيز القدرات التنظيميّة الكامنة، ويُعدّ وجودها مصدرًا للتفوق التنافسي وتحقيق مجموعة من الأهداف والفوائد، منها: تعزيز التكامل الداخلي، والتكيف مع البيئة الخارجيّة، وتوجيه الأفراد والأنشطة في المنظمة لتحقيق أهدافها ورسالتها، وتحديد استجابة أعضاء المنظمة للمنافسين واحتياجات العملاء، وتعزيز الهويّة التنظيميّة، وتسهيل الالتزام الجماعي، وتعزيز استقرار النظام وتنسيق التعاون بين أعضاء المنظمة، وتعزيز سمعتها، وجذب الموظفين المناسبين والمبدعين، وتكافئ التطوير والتفوق. (4) 

   أظهر استقصاء لـ 615 مديرًا تنفيذيًا في بعض منظمات العمل في الولايات المتحدة الأمريكية أن نسبة 43٪ منهم يرون أن التغيرات في الثقافة التنظيميّة تُمثل جزءًا أساسيًا ومكمِّلاً للجودة وتحسين الأداء. وتعتبر دستورًا أخلاقيًا ومرشدًا للسلوك المرغوب من جانب الموظفين والإدارة في المنظمة. وتساهم الثقافة التنظيميّة في تحقيق العديد من المزايا، بما في ذلك، وتحديد الأولويات الإداريّة. وتعزيز الأدوار القياديّة والإرشاديّة المرغوبة. وتحديد معايير الاستقطاب والاختيار والترقية والاستغناء. وتوفير معايير للتواصل الفعال بين الموظفين، وأداة رقابيّة ذاتيّة للسلوك والأنماط والاتجاهات المرغوبة. (5)

   لذا، يمكن القول أن الثقافة التنظيميّة تُعد عنصرًا أساسيًا وقويًا في تحقيق الجودة والنجاح في المنظمات، حيث تؤثر على سلوك الأفراد وتعزز التوجه الصحيح في عملية اتخاذ القرارات وتحقيق التغييرات المطلوبة. ومع ذلك، يجب أن نتأكد من عدم تحولها إلى عائق أساسي ضد التغيير، عبر ضمان تحقيقها بطرق مرنة، لا تستند إلى القوة والرقابة، فهي تتطلب رقابة مصدرها العقل والروح والجسد، ومن خلالها يقل اهتمام الإدارة بوضع الأنظمة والتعليمات الرسميّة لتوجيه السلوك، ويتحول التركيز إلى تشجيع أعضاء المنظمة على اتخاذ القرارات الصائبة، والتصرف بشكل يتناسب مع القيم والمعتقدات السائدة.

(1) ناصر محمد، خميس: تأثير الثقافة التنظيمية في تبني نظام الإدارة البيئية (دراسة تطبيقية في الشركة العامة لصناعة الزجاج والسراميك)، عدد 8 جامعة الانبار 2012، ص 213.

(2) عبيسات، حيدر : الثقافة التنظيمية وتأثيرها على بناء المعرفة المؤسسية دراسات ميدانية لمؤسسة المناطق الحرة). مديرية الدراسات والمعرفة 2005، ص 14.

(3).  علي نغم؛ حسن محمد: دور الثقافة التنظيمية في تعزيز الالتزام التنظيمي (دراسة استطلاعية في جامعة كربلاء). مجلة الإدارة والاقتصاد 7، مج 2، ص 69.

(4). ناصر محمد، خميس: تأثير الثقافة التنظيمية، ص 215.

(5). الحربي جمال الثقافة التنظيمية وأثرها في صياغة الاستراتيجية وتنفيذها (حالة الشركة اليمنية للصناعة والتجارة المحدودة تعز). ر . مج جامعة عدن 2010، ص 31-32.