توطين العمل الإنساني في اليمن

توطين العمل الإنساني في اليمن

شهد اليمن طيلة السنوات الاخيرة، أكبر الأزمات الإنسانيّة في العالم، بسبب الحرب وتداعياتها؛ تدمير البنيّة التحتيّة، وانهيار المؤسساتوالخدمات، وانقسام السياسة النقديّة، وارتفاع أسعار السلع الأساسيّة، وانتشار الفقر والبطالة والجوع والأمراض. وأمام كل ذلك تقلص تمويل العمل الإنساني والإغاثي، وحسب ما ذكره موقع مركز الإمارات للدراسات (EPC) بدأ التراجع في السنوات الثلاث الأخيرة، ووصلانخفاض تمويل خطة الاستجابة الإنسانيّة في عام 2022 إلى 58%!

   وفي حين تزايدت الاحتياجات المحليّة بشكل كبير، سعى المجتمع المدني "المحلي" إلى تلبيتها بالإمكانات المحدودة لديه، ولقد عمل بجد على إيقاف الحرب وبناء السلام، وتم الاعتراف بدوره في الاستجابة الفعالة. يقول المبعوث الأممي هانز جروندبرج: "المشاركة النشطة لمنظمات المجتمع المدني ضرورية لنجاح عمليّة السلام، وتقدم منظمات المجتمع المدني مساهمات قيمة في المفاوضات، بما في ذلك الخبرةالفنيّة، ومعرفة المناطق التي يصعب الوصول إليها، ووجهات نظر المجتمعات المحليّة والمجموعات المهمشة التي غالبًا ما لا تُسمع أصواتها فيالمفاوضات".

   ورغم الدور الهام الذي قام به المجتمع المدني المحلي في اليمن، إلا أنه واجه عدة تحديات في توطين ممارساته الإنسانيّة والتنمويّة، أبرزهاعدم حصوله على الاعتراف والدعم اللازم من السلطات الوطنيّة والجهات الفاعلة الدوليّة، وعدم الوصول إلى التمويل المباشر، والافتقار إلى الشراكات العادلة في الممارسة العمليّة، وهذه التحديات حَدت من قدرته على قيادة الاستجابة الإنسانيّة في اليمن.

   أكد التقييم الإنساني المشترك بين الوكالات (IAHE) لأزمة اليمن، على ضرورة إيجاد استراتيجيًة توطين للعمل الإنساني، وهو ما تمبالفعل تنفيذه بالتشاور مع السلطات المحليّة والجهات المانحة و179 منظمة غير حكومية، وتم المصادقة عليها في نوفمبر 2023. ولقد سعتالاستراتيجيّة إلى تحسين جودة الاستجابة الإنسانيّة من خلال تحويل القيادة والملكية إلى السكان المحليين، وتوسيع قدرات الجهات الفاعلة المحلية، بما فيها المنظمات التي تقودها النساء، والحصول على التمويل، وتحقيق التعاون المتبادل والجيد بين الجهات المانحة لتفعيل أجندةالتوطين.

   إن التحول نحو توطين العمل الإنساني في اليمن يعد خطوة حاسمة لتحسين جودة المساعدات الإنسانيّة والاستجابة لاحتياجات السكانالمحليين. من خلال تعزيز دور المجتمع المدني المحلي وجعله شريكًا رئيسًا في القيادة والتنفيذ، تتيح استراتيجيّة التوطين الفرصة لتحقيقالملكية المحليّة للعمل الإنساني، وضمان استدامته على المدى الطويل. وبالتعاون الوثيق مع السلطات المحليّة والجهات المانحة، سيتمكنالمجتمع المدني من التغلب على التحديات السابقة ويصبح قادرًا على قيادة الاستجابة الإنسانيّة بفعالية أكبر.