تمكين المرأة اليمنيّة اجتماعيًا

تمكين المرأة اليمنيّة اجتماعيًا

تمكين المرأة اليمنيّة اجتماعيًا

هل تعلّمـ/ي أن السمك لا يرى الماء؟ نعم، وهو أمر طبيعي جدًا، فالإنسان ايضًا لا يرى الهواء! أما الغريب فهو أن العديد في مجتمعنا اليمني لا يرى أن المرأة بحد ذاتها كائن "مستقل"، ولازال يَعتبرها حتى اليوم مجرد تابع للرجل!

هنا، لن نتطرق إلى صراع المرأة مع الرجل، أو تكامل الأدوار بينهما، إنما سنناقش قضية أبسط من ذلك، وهي تمكين المرأة اليمنيّة اجتماعيًا.

ربما قرأت العديد من الكتب والروايات التي تحدثت عن قوة المرأة، ولديك علم ايضًا عن الحركات النسويّة التي طالبت بحقوقها المختلفة، رغم تأثيرها جميعًا على الوعي المجتمعي، إلا أنه لا يمكن إسقاطها على أي مجتمع دون مراعاة خصوصيته وظروفه -والدليل على ذلك تعدد مرجعيات النسويّة نفسها- وخاصة على المجتمع اليمني، الذي يفتقد من الأساس معرفة ماهيّة تمكين المرأة، بسبب ضعف التوعيّة في هذا الجانب من جهة، ولكينونته القبليّة من جهة أخرى، فهو مجتمع تحكمه العادات، والتقاليد، وايضًا الضوابط الدينيّة.

 وفي حين تُطالب المرأة في الدول الأخرى بالمساواة مع الرجل والقضاء على الهيمنة الذكورية، تسعى أغلب النساء في اليمن إلى نيل الاستقلال الاجتماعي، والتحرر من فكرة أنهن لا يصلحن إلا كربات بيوت، بينما يستطعن أثبات وجودهن إلى ما هو أبعد من ذلك، تقول مريم (أسم مستعار): "كنت أعمل في منصب كبير لدى إحدى شركات الطيران، زوجي وعدني قبل الزواج بأنه سيجعلني أعمل، إلا أنه بعد مضي سنوات قليلة على زواجنا، خيرني بينه وبين وظيفتي، وعندما طلبت من أهلي وأهله التدخل قالوا لي بالحرف "المرأة ملك زوجها وعيالها" لذلك توقفت عن العمل، أهدرت طاقتي وطموحي وكل ما تحصلت عليه من تعليم وخبرات وتجارب، أصبحت دون أحلام، دون شغف، وعالة على زوجي".

تَمتلك المرأة إمكانات رهيبّة، فهي إلى جانب كونها الأم والأخت والزوجة والأبنة، هي ايضًا القادرة على أداء دورها المجتمعي بأمتياز وبقوة، ولا نقصد هنا فقط إشراكها في العمل، وسد الشواغر، وتعبئة الأماكن، إنما قيادة المجتمع بأكمله في شتى المجالات، وإدارة موارده لتحقيق التنمية والتغيير الإيجابي فيه، وحتى تحقق المرأة ذلك، يتطلب وجود نشاط حقوقي مكثف، وتنظيم المشاريع المستدامّة التي تعزز دورها في المجتمع، وتشجيعها على تولي الأدوار القياديّة، وإتاحة وصولها للموارد والتحكم فيها، ويأتي قبل ذلك بالطبع، تجنب التمييز بين الأبناء على أساس الجنس، وزيادة الوعي، وبناء ثقة المرأة بنفسها، وتوفير بيئة عمل آمنة -خالية من التحرش والتمييز- ومرنة وأكثر شمولًا، حتى توازن بين مسؤولياتها في العمل والأسرة.

   لنسعى معًا إلى تمكين المرأة، ولنجعل عيدنا جملة من التغييرات الإيجابيّة، لتحل علينا اعوامًا مديدة ونحن نعايش التنميّة والازدهار والرفاهية في وطننا.