كيف أثر الصراع اليمني على السفرة الرمضانية؟

كيف أثر الصراع اليمني على السفرة الرمضانية؟

كيف أثر الصراع اليمني على السفرة الرمضانية؟

أثر الصراع اليمني وتداعياته على جميع جوانب حياة المجتمع اليمني. شهدت البلاد تدهورًا كبيرًا في الأوضاع الاقتصاديّة، حيث تَضررت البنية التحتيّة، وتوقفت العديد من القطاعات الحيويّة، مثل الزراعة والصناعة والتجارة، وتراجعت فرص العمل، وتفاقمت مشكلتي الفقر والبطالة. شكلت هذه الأوضاع حجر عثرة لتخطي الأزمة الإنسانيّة التي شهدها البلاد منذ 2015، وتحقيق النمو الاقتصادي والتنميّة؛ الخطوة الرئيسة لرفع معدلات المعيشة. وبطبيعة الحال، شَهدت الأسر اليمنيّة في ظل هذه الظروف الصعبة تحولًا كبيرًا في تقاليد سفرها الرمضانيّة؛ التراث الثمين الذي خلّفه الأجداد للآباء، والآباء للأبناء.

 تَراجعت قدرة الأسر اليمنيّة على تحمل تكاليف السفرة الرمضانيّة التقليديّة، نظرًا لزيادة الصعوبات الاقتصاديّة، وارتفاع تكاليف المعيشة، ونقص الموارد. حدثت تغييرات في شكل ومكونات وجبات الإفطار والسحور، وتتحمل الأسر ذات الدخل المحدود العبء الأكبر، حيث يصعب عليها توفير الاحتياجات الأساسيّة، فتضطر إلى تقليص حجم الوجبات أو إلغاءها تمامًا. ولنا أن نتخيل الوضع المأساوي الذي وصلت إليه العديد من الأسر اليمنيّة، التي إذا كانت عاجزة عن توفير الطعام، فكيف لها أن تؤمن تكاليف الأدويّة، والسكن، والتعليم، والماء، والكهرباء؟! 

بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي السيء، أدى الصراع أيضًا إلى تدمير العديد من المنازل والبنية التحتية، ولقد ذكر كتاب "الهجرة القسريّة في البلدان العربيّة" الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أن الحرب أثرت تأثيرًا مباشرًا في حياة 5.27 مليون شخص داخل اليمن، بما فيهم 3.5 مليون نازح شُرِّدوا من بيوتهم وفقدوا ممتلكاتهم، فاضطر العديد منهم إلى العيش في ظروف غير ملائمة، وهذا يعني أن الكثير من الأسر لا تملك مطابخ مجهزة بشكل جيد لإعداد الوجبات، وأخرى تعتمد على شراء الطعام الجاهز، وهذه الأوضاع أثرت على جودة وتنوع السفرة الرمضانيّة.

 عُرف المجتمع اليمني  بكرمه وسخاؤه في تَقديم الضيافة بكل رحابة صدر، وفي ظل الأوضاع الراهنة التي يَمُرُ بها البلد، وجدت العديد من الأسر نفسها غير قادرة على استضافة الضيوف بنفس الطريقة التي اعتادوا عليها قبل الحرب، ولم يكن التدهور الاقتصادي وتراجع الوضع المادي السبب الوحيد، أنما أيضًا فقدان العديد من الأسر لأحبائهم جراء الصراع المستمر - سواء كانوا ضحايا القتل أو نازحين، وتفرق العائلات وانقطاع الروابط القوية بين أفرادها نتيجة الانفصال الجبري والتشريد.

 أثر الصراع اليمني بشكل كبير على تقاليد السفرة الرمضانيّة في اليمن، بسبب الظروف الاقتصاديّة الصعبة، وتدمير البنيّة التحتيّة، ونقص الموارد الغذائيّة والإنسانيّة، وتفكك الأسر. ومع ذلك، لا يزال الناس يحاولون الحفاظ عليها قدر المستطاع، فتحضير الأطعمة المألوفة، مثل السمبوسة والباجية والشوربة، مستمرًا حتى اليوم، ولا تزال اجتماعات العائلات حول المائدة لتناول وجبة الإفطار معًا حاضرة، ولا يزال الناس يتبادلون الوجبات المنزليّة مع الأسر المجاورة وينظمون وجبات الإفطار للفقراء والمحتاجين. فتبرز من جميع تلك التحديات الروح التضامنية والبساطة التي تُعد جزءًا هامًا من ملامح رمضان في اليمن.