الابتزاز الإلكتروني في اليمن (2)

الابتزاز الإلكتروني في اليمن (2)

الابتزاز الإلكتروني في اليمن (2)

   عَرضنا في التقرير السابق، موقف القانون اليمني من جريمة الابتزاز الإلكتروني، والعقوبات المقررة لها، وضعف نفاذها على مرتكبيها.

   وتأكيدًا على ما ذهبنا إليه، كان لنا لقاء (منصة نون وشين) مع إحدى ضحايا الابتزاز الإلكتروني، سنسميها هنا (إيمان)، التي تَعرضت للتشويه والتلفيق بكافة أنواعه.

   بدايةً، تقول: "حَدثني المُبتز من خلال أحد منصات السوشيال ميديا منتحلًا شخصيّة فتاة عاجزة عن توفير الملازم الدراسيّة، ثم تحول حديثه إلى كلام بذِيء، فقمت بحظره، إلا أنه بعد ذلك، تَواصل معي من حساب آخر (بأسمه الحقيقي)، ثم اخترق جميع وسائل التواصل الخاصة بي -نتيجة لعدم استخدام أدوات الأمن الرقمي- وقد قام بفبركة العديد من المحادثات الوهميّة الّتي ابتزني بها، لم أستطع القيام بأية إجراءات، خوفًا من أهلي، وقفت عاجزة؛ واعتزلت الناس، تَوقفت عن الذهاب إلى الجامعة، وتَعطلت حياتي تمامًا".

   ما هي أشكال الابتزاز التي تَعرضتي لها من جانب المُبتز؟
   في البداية، هَددني بنشر المحادثة الوهميّة، والصور التي حصل عليها من خلال الاختراق، وقام ايضًا بتوزيع ونشر رقمي بين الشباب، وبَثّ عني الشائعات حول قيامي بتهريب الفتيات إلى خارج اليمن، لصالح منظمات تَعمل بأعمال منافية للآداب، وهذا كان سبب في جعل حياتي مهددة بشكل غير مباشر من قبل الأجهزة الأمنية المختصة.

   ما هي الجهات التي لجأت إليها؟
   لجأت إلى إحدى أكبر المؤسسات الرائدة بدعم النساء في اليمن، التي قالت لي أنه ليس من اختصاصهم، وأن الأمر لا يستحق كل هذا الذُعر. صُدمت كثيرًا من موقفهم، وخاصة أنه أول جهة لجأت إليها، استعنت بعد ذلك بإحدى صديقاتي، التي قَدمت لي الكثير من الدعم، وأشارت لي بضرورة اللجوء إلى النيابة العامة، التي فيها وجه لي أحد المسؤولين العديد من الأسئلة، وقال لي بالحرف "شاهدناك تَتسكعين في الليل"، وغيرها من الإتهامات الباطلة، كانت هذه أسوأ المراحل التي مررت بها من بداية عمليّة الابتزاز، التي أوصلتني فعليًا إلى التفكير بالانتحار".

   ماذا حَدث بعد ؟

    تَلقيت مكالمة من مركز النيابة تُخبرني بأنه تم إلقاء القبض على الجاني، وابراحه ضربًا، والكشف عن البرامج التي لجأ إليها في عملية الابتزاز.

   إذًا، أنصفكِ القانون؟

   إلى حد ما، كونه أظهر برأتي، أما من ناحية الجاني لم يَأخذ الجزاء الذي يستحقه، حُجز لمدة يومين فقط، ثم تم أُطلق سراحه، بعد أن توسط له بعضًا من أصحاب النفوذ.


    هل تجاوزتِ هذه التجربة القاسيّة؟

   لم أتجاوزها، لازلت أشعُر حتى اليوم أن هناك من يَترقبني ويُطاردني، لكنني أُريد أن أقفل هذه الصفحة من حياتي، حتى وإن كان لها "مستقبلًا" أضرارًا نفسيّة، ايضًا لجأت لقراءة القرآن، الذي ساعدني كثيرًا، إلى جانب أني أعمل حاليًا، واستأنفت دراستي الجامعيّة، التي أرى أنها الأولى باهتمامي خلال هذه المرحلة.

   وإلى جانب قصة (إيمان) هناك الآلاف من الفتيات والنساء اللاتي تَعرضن للابتزاز الإلكتروني في اليمن، المفتقر -حتى اليوم- إلى قانون يكافح هذه الجريمة، ومن ذلك نُوصي بضرورة إفراد نص قانوني خاص بها، وتشديد العقوبة على مرتكبيها، إلى جانب:

   - تفعيل دور الرقابة في الأسرة. 

   - وضع برامج توعيّة في مختلف الوسائل الإعلامية، للتعريف عن الابتزاز الإلكتروني، والتحذير من مخاطره، وكيفية تفاديه، والإبلاغ عنه.

   - عقد ندوات داعية للتصدي لثقافة إلقاء اللوم على الضحيّة، والتأكيد على أهمية وقوف الأهل إلى جانبها.

   - إعداد الورش والندوات التوعويّة والتثقيفيّة لمختلف فئات المجتمع، حول الأمن الإلكتروني، والمواطنة الرقمية، وذلك من جانب الأجهزة المعنية، والمجتمع المدني.

  - إنشاء وحدات خاصة بالمرأة في مراكز الشرطة، والنيابات، والمحاكم، لتكون أكثر أمانًا، ولتسهيل عملية الإبلاغ عن الجرائم التي تتعرض لها.

   - التعاون المحلي والدولي للتصدي لظاهرة الإبتزاز الإلكتروني.