الشبكات الاجتماعية وتمكين الشباب

الشبكات الاجتماعية وتمكين الشباب

الشبكات الاجتماعية وتمكين الشباب 

  يَزاد التفاعل الرقمي بين الشباب عامًا بعد عام، وتلعب الشبكات الاجتماعيّة دوراً أساسيًا في حياتهم الشخصيّة والمهنيّة، يعتمدوا عليها بشكل كبير في التواصل، ومشاركة الأفكار ونشرها، والاستفادة من البيانات المتاحة فيها لتحديد اهتماماتهم وتوجيه جهودهم بشكل أفضل، كما أنها توفر لهم فرصًا للتعلم والتنميّة المستمرة من خلال المحتوى التعليمي المتاح والمناقشات البناءة التي تجري عبرها.

التمكين السياسي والاقتصادي:
   تُقدم شبكات التواصل الاجتماعي دورًا هامًا في تمكين الشباب على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. من الناحية الاقتصاديّة، تُساعدهم على استكشاف فرص العمل والوظائف المتاحة، وتعزز مسارهم المهني، وتطور مهاراتهم من خلال تبادل المعرفة والخبرات في مجالات اهتمامهم. وبالنسبة للشباب الذين يمتلكون أعمالًا خاصة بهم، تُوفر لهم مواقع التواصل الاجتماعي فرصًا لبناء شبكات احترافيّة وتوسيع دائرة علاقاتهم التجاريّة، واستغلالها للترويج عن أعمالهم وخدماتهم التجاريّة، أو للتواصل مع العملاء والشركاء، ويمكن اتخاذها أيضًا منصة لبيع المنتجات والخدمات والتسويق والترويج لها.

   ومن الجانب السياسي، تَمنح شبكات التواصل الاجتماعي للشباب قناة للتعبير عن آرائهم، والمشاركة في الحوارات العامة والنقاشات السياسيّة، ونشر الوعي، والتأثير في الرأي العام، والتنسيق والتنظيم للمظاهرات والحملات السياسيّة والانتخابات. وقد تمنحهم الفرصة لأن يصبحوا وسطاءً وصناعًا للسلام، حيث يمكنهم استخدامها لتعزيز الحوار والتفاهم بين مختلف الأطراف، والترويج لقيم التعايش والتسامح والعدالة، والحد من خطاب الكراهيّة؛ القائم على التحريض على العنف أو التمييز ضد فئات معينة من الأشخاص بناءً على العرق، أو الدين، أو المعتقدات السياسيّة والاجتماعيّة. 

المشاركة في القضايا الاجتماعيّة:
   ويمكن للشباب استخدام الشبكات الاجتماعيّة كأداة للتأثير والتغيير في المجتمع ودعم قضاياه، عبر تنظيم حملات الحشد والمناصرة ومشاركة قصصهم المؤثرة، ومثالًا على ذلك مالالا يوسفزاي، الناشطة الباكستانيّة التي جذبت انتباه العالم لقضيّة تعليم الإناث والمساواة بين الجنسين عن طريق نشر قصتها وآرائها على مدونتها الشخصيّة ومنصات التواصل الاجتماعي. شجعت مالالا الشباب على التقدم والمشاركة لإحداث التغيير الإيجابي، وفي مقابلة حديثة، قالت: "غالبًا ما نعتقد أننا صغار جدًا وأن أفكارنا لا تَهم، وأنه يجب أن نكبر قليلاً حتى نتمكن من إحداث التغيير. ولكني أقول لا، يُمكنك أن تبدأ الآن، ويمكنك أن تحقق تأثيرًا حقيقيًا بكل ما تفعله".

   في هذا السياق، أفاد الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) بأن تكنولوجيا المعلومات قدمت دورًا حاسمًا في تمكين الشباب ورفع مكانتهم على الصعيد العالمي. وفي تقرير نشره الاتحاد عام 2013، أشار إلى أن الشبكات الاجتماعيّة منحت الشباب صوتًا لم يكن لهم من قبل، حيث أصبح بإمكانهم المشاركة في قضايا اجتماعيّة هامة مثل عمالة الأطفال غير القانونيّة، والفقر، وحقوق الطلاب، وحرية التعبير، والعنصريّة، وتنمية المجتمع وغيرها. ومن ذلك تغيرت الفكرة السائدة بأن بعض القضايا "الكبيرة جدًا" لا يمكن معالجتها، واتخاذ الإجراءات الفعالة تجاهها. 

   ختامًا، يتطلب تمكين الشباب اتخاذ إجراءات فعالة من جانب المجتمع المدني والإعلام ومؤسسات التعليم العالي والهيئات التنظيميّة لطرح المحتوى المناسب والمفيد، واتباع نهج شامل لمعالجة الآثار البعيدة المدى لانتشار المعلومات المضللة، المؤدية إلى تَآكل القيم وإدامة الصور النمطيّة الضارة بينهم والتأثير سلبًا على قدرتهم على التطور والمشاركة الفعالة في المجتمع. فقط من خلال توفير المعلومات الدقيقة والتوجيه السليم، يمكننا بناء جيل من الشباب المثقف والواعي، الذي يُساهم بفاعليّة في تقدم المجتمع وتحقيق التغيير الإيجابي فيه.