الشباب وأزمة الهوية

الشباب وأزمة الهوية

الشباب وأزمة الهوية
   تُعد مرحلة الشباب فترة مهمة في حياة الفرد لاستكشاف مكانته الاجتماعيّة ومساره المهني وهُويته الجنسيّة وتأسيسها، ويُطلق على هذا السعي أسم "أزمة الهُويّة". عرفها ويبستر بأنها "شعور بالتعاسة والارتِباك الناجم عن عدم التأكد من نوع الشخص الذي أنت عليه حقًا، أو ما هو الهدف الحقيقي لحياتك". 
 
أعراض أزمة الهُويّة
   تَظهر أزمة الهُوية لدى الشباب أثناء تطورهم الشخصي وتشكيل هويتهم. عادةً ما تنشأ هذه الأزمة في سن المراهقة (12-15 عامًا) وتستمر في مراحل الحياة اللاحقة. تنطلق أولى الأسئلة التي يطرحها الشاب "من أنا؟"، ثم تتطور إلى "ما الذي يجب أن أفعله؟" و "كيف ينبغي أن يكون مستقبلي؟" و "أين أجد مكاني في هذه الحياة؟". وقد تختلف هذه الأسئلة من شخص لآخر، حسب الظروف الاجتماعيّة والأسريّة التي يعيشها الشاب.
 
الأسباب
   أزمة الهويّة، مثلها مثل غيرها من المشاكل النفسيّة، يمكن أن تحدث بسبب التوتر والتجارب الحياتيّة (إيجابيّة أو سلبيّة)؛ فأي تجربة تخلق ضغوطًا شديدة قد تجعل الفرد يشكّ بهُويته وقدراته. من بين هذه التجارب المجهدة والمحملة بالضغوط: الزواج والطلاق والاِنفِصال، أو الانتقال إلى مكان جديد بعيد أو تغيير البلد، أو فقدان عزيز أو وظيفة، أو بدء مسار وظيفي جديد.
   وتظهر أزمة الهويّة لدى الشباب وتصبح أكثر وضوحًا نتيجة السعي للحصول على قبول المجتمع، وبسبب ذلك، يلجأون إلى عزل أنفسهم وعدم قضاء الوقت مع أقرانهم. إضافةً إلى ذلك، يُعد عدم التكيف مع الثقافة المحيطة، بما في ذلك اللغة والدين والتحيزات المجتمعية، أحد الأسباب الرئيسة لهذه الأزمة.
 
عواقب أزمة الهُويّة
  تُضيف أزمة الهويّة لدى الشباب مستوى آخر من عدم اليقين والشك، بناءً على كل سؤال لم تتم الإجابة عليه. ويترتب على ذلك عواقب متعددة، مثل التردد في اتخاذ القرارات، وانخفاض احترام الذات، ومشاكل في العلاقات الشخصيّة. ومع مرور الوقت، إذا لم يتم التدخل الصحي اللازم، وتلقي الدعم من الأهل، أو التجاوب مع ضغوطهم، يتطور هذا الوضع يومًا بعد يوم، حتى ينغمس الشباب في أزمة هُويتهم "المدمرة" التي تؤدي إلى اضطراب الشخصيّة. وفي بعض الأحيان، يحاول الشباب الهروب من هذه الأزمة عن طريق تغيير مكان إقامتهم أو بيئتهم، أو بالانخراط في مغامرات جديدة، أو حتى إيذاء أنفسهم، بسبب الاعتقاد بأن الأمور لن تسير على ما يرام، إذا ما استمروا في وضعهم الحالي، ويتلاشى لديهم الإيمان بوجود الخير.
 
طرق التعامل مع أزمة الهُويّة
   تَعزيز الثقة في الذات أمر حاسم للتعامل مع أزمة الهويّة والتحديات النفسيّة الأخرى. يجب على الآباء والأمهات أن يكونوا متعاونين ومتنبهين لمشاعر وأفكار أبنائهم خلال هذه الفترة الحرجة، فعندما يشعر الشباب بالتعاطف والاهتمام من جانب أفراد العائلة وأحبائهم، يكون تأثرهم بهذه الأزمة أقل بكثير، فالصبر والمحبة والمرونة واستخدام التعبيرات الصحيحة والاستماع الجيد هي الإرشادات الرئيسة للتغلب على هذه الفترة بسلاسة، إلى جانب وجود الدعم النفسي، الذي في الوقت الحاضر أصبح من السهل جدًا الحصول عليه، حيث تُقدم العديد من المنصات مثل "شيزلونج" و"سايكوجي دوك" خدمة التواصل مع الأخصائيين النفسيين. ومن الأهمية بمكان أن يكتشف الفرد نفسه، ويحدد أهدافه، لأن وجودها في عملية التعبير عن الذات وتشكيل الهُويّة يسهل من تحديد مساره الشخصي، فضلاً على أنها توفر له الدافع والتركيز.
 
هل يمكن ربط أزمة الهوية بالاكتئاب؟
  بالطبع يُمكن ربط أزمة الهويّة بالاكتئاب في بعض الحالات، حيث يُعاني الأفراد الذين يواجهونها من تجارب شخصيّة معقدة وصراعات داخليّة قد تؤدي إلى مشاعر الحزن والاكتئاب. تتضمن أعراض الاكتئاب الشائعة: الشعور بالحزن المستمر، وفقدان الاهتمام بالأنشطة السابقة الممتعة، واِنخفاض الطاقة والتعب، وصعوبة التركيز، وتغيرات في الشهيّة والنوم، والشعور بالقيمة الذاتيّة المنخفضة. ومع ذلك، يجب ملاحظة أن أزمة الهُويّة لا تؤدي دائمًا إلى الاكتئاب، وأن هناك أسبابًا متعددة للإصابة به.