ناجية لا ضحية للتحرش

مجتمع/توعية اجتماعية/قصص نجاح شخصية

ناجية لا ضحية للتحرش

منصة نون وشين 

   تفشت ظاهرة التحرش في اليمن بشكل لافت في السنوات الأخيرة بسبب العديد من العوامل، أهمها عدم وجود قوانين رادعة للتحرش الفعلي والقولي، وعدم تبليغ معظم النساء عنه خشية الفضيحة والوقوع في دائرة الاتهام. وما يؤكد ذلك أن نسبة القضايا التي تصل للأجهزة الأمنية لا تتجاوز 30%، رغم الآثار النفسية والاجتماعية التي يتركها التحرش على الناجيات.

   وعلى العكس، هناك نساء استطعن كسر حاجز الصمت وتحلين بالقوة والشجاعة للتبليغ عما تعرضن له من التحرش، لوضع حد لمرتكبيه ولتجاوز المحنة.

   أجرت منصة نون وشين حوارًا مع إحدى الناجيات من التحرش، منار جميل، التي روت تجاربها بكل شجاعة.

   تقول: مررت بالعديد من التجارب التي تعرضت فيها للتحرش، كان أهمها أثناء دراستي الجامعية، تحديدًا في السنة الأولى، حيث كانت هناك مجموعة من الشباب يتعرضون بشكل دائم للفتيات، وكنت إحدى الفتيات، حيث قام أحدهم بنتع الحجاب من فوق رأسي. في ذلك الوقت لم أستطع المواجهة، ليس ضعفًا بل لقلة خبرة.

   أخبرت حينها إحدى صديقاتي بما تعرضت له، وما كان منها إلا أن قدمت شكوى لعمادة الكلية، التي صعدت الموضوع، لينتهي تحقيقها بفصل المتحرش من الجامعة، ومن بعد ذلك أصبح يحسب لي ألف حساب.

   تعرضت أيضًا إلى حادثة أخرى أثناء مروري في الشارع، حيث تتبعني متحرش، حاولت إيقافه وتجاهله، إلا أنه احتك بي جسديًا. فما كان مني إلا أن أخذت خنجرًا كنت أضعه دائمًا في حقيبتي وأشهرته في وجهه، فانصرف خائفًا متلعثمًا. حينها تعجبت من موقف الناس وتجاهلهم لي رغم وقوع الحادثة أمام أعينهم.

   تعرضي للكثير من حوادث التحرش جعلني اليوم صلبة وقادرة على المواجهة، وكان لأهلي الدور الكبير أيضًا، حيث كانوا يقولون لي: "لا تسكتي عن حقك، وتكلمي بما يحدث لك".

   تعلمت من تجاربي أن أخذ حقي بنفسي وعدم انتظار أحد للقيام بذلك، حتى وإن انتابني الخوف والذعر. تعلمت أن المتحرش ضعيف، لأنه يعلم في قرارة نفسه بأنه مخطئ، حتى وإن تسلح بالصوت العالي والكلمات البذيئة، ويظهر ضعفه من أول مواجهة، حيث ينسحب ويلوذ بالفرار.

   ومن هنا أقدم نصيحة لكل فتاة: أنتِ الحلقة الأقوى، أنتِ لستِ ضعيفة، دافعي عن نفسك وتكلمي. سيظلمك المجتمع في كل الأحوال، لكن على الأقل ستأخذي حقك، ولن تكوني مكسورة ومهانة. فالأهانة والكرامة يجب أن تكونا في مقابل التحرش، لتصبحي ناجية لا ضحية للتحرش.