المهمشون (طاقة اليمن المهدرة)
المهمشون (طاقة اليمن المهدرة)
المهمشون، جزء أصيل من المجتمع اليمني، الذين يعيشون على هامشه؛ فهم الأشد فقرًا والضُعفاء "بلا أصل"، وذلك بحكم الإرث التاريخي، والتركيبة الاِجتماعية والقبلية المعقدة في اليمن، التي اصلت من تمايزهم الاِجتماعي.
يعيشون في تجمعات استيطانية تتكون من الأكواخ المبنية من القش، أو الصفيح، أو غيرها من المواد الرخيصة، ويتم تلقيبهم بـ "الأخدام"؛ من الخدمة والعبودية.
قُدرت أعداد المهمشون في اليمن ما بين حوالي 10 إلى 12 بالمئة، إلا أنها لم تكن إحصاءات دقيقة، اِنْطلاقًا من عدة أسباب، أهمها: عدم فاعلية أنظمة الوزارات والمكاتب الإحصائية الحكومية المختصة، وتوقفها منذ عام 2004، إلى جانب أنها لم تقدم بالأصل أي بيانات تتعلق بالعرق أو الدين.
يسكن مهمشو اليمن بكثرة في المحافظات التي تتميز بحرارتها العالية؛ مثل الحديدة، وعدن، ولحج، وأبين، وحضرموت، وربما يعود تفسير ذلك، إلى أن هذه المناطق أخف وطأة في المعاملة الدونية لهم، من مناطق شمال اليمن، التي يغلب عليها الطابع القبلي.
وحسب تقرير رصدته "قناة المهرية" يبلغ عدد المهمشون في عدن أكثر من 100 ألف، يعانون من أوضاع معيشية صعبة، تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الضرورية، وذلك جراء الإقصاء والتهميش العنصري، الذي فاقمت من حدته الحرب وتركت أصحاب هذه الفئة مجردين من حقوقهم الإنسانية، حتى أن أبنائهم - كحال الكثير في المناطق اليمنية الأخرى - لا يمتلكون شهائد الميلاد، أو الهوية الشخصية، وهم دون ماء نظيف، أو كهرباء رغم شدة الحر.
يُعِاني المهمشون على مدى عدة عقود من الاِستغلال، والحرمان، والتمييز، من أشْكاله:
- عدم إدراجهم في خطط التنمية العامة.
- عدم ممارستهم لحقوق المواطنة، مثل حق المشاركة في الحياة العامة والسياسية، وذلك على الرغم من أن مؤتمر الحوار الوطني، أوصى بضرورة حماية حق المهمشين في المشاركة السياسية وتمثيلهم بنسبة 10%، إلا أن ذلك لم ينفذ حتى اليوم.
- لا يمتلكون - رغم اعتراف الدولة بهم قانونيًا - أي تأمين اِجتماعي أو صحي.
- لا يمتلكون في العادة وثائق إثبات الشخصية، والذي يمنعهم من حق اِمْتلاك الأراضي والعقارات، إلى جانب الممارسة المجتمعية التي تُحرم عليهم ذلك، وخاصة في المناطق القبلية.
- منعهم من الزواج من الفئات الاِجتماعية الأخرى.
- منعهم من حمل السلاح.
- حرموا من الخدمات الأساسية مثل المياه، والصرف الصحي، والتعليم، والفرص الاقتصادية.
- حرموا من الحصول على المساعدات الإنسانية المقدمة لليمن منذ بداية الحرب، مقارنةً ببقية متضرري الحرب، فهي أما أن تصل قليلة لا تفي باحتياجاتهم الأساسية والمعيشية، أو لا يبلغوها تمامًا
ومن ذلك نجد ارْتِفاع نسبة الأمّية لديهم، إلى جانب تدني مستوى الوعي الثقافي، والسياسي والحقوقي، ويُعَانون أما من البطالة، أو حصرهم على مهن محدودة، مثل: تنظيف الشَوارع، وجمع النُفايات، وحمل البضائع ومواد البناء، أو يمارسون التسول.
زادت الحرب من مأساة المهمشين؛ حيث كانوا هم فيها الأكثر تضررًا، مع بيوتهم الهشّة، وافتقارهم للمال، والمؤنةِ، والماؤى، وتَّهْجير أعدادًا كبيرةً، والمعاناة للوصول إلى مخيمات النازحين، إلى جانب الاِنْتهاكات التي يتعرضون لها، مثل: حملات الاِعتقالات، والتعذيب في السجون دون إثبات التهم الموجهة إليهم، والاغتصابات والعنف الجنسي - الذي تتعرض لها النساء - والاختطافات، والتهجم على منازلهم، وتهاون الجهات الأمنية في معاقبة الجناة. وفيما يتعلق بالأطفال المهمشون، فأنهم يواجهون تحديات إضافية، عن تلك التي يقاسيها غيرهم من أطفال اليمن، فضلاً عن التحديات التي تنشأ عن انتمائهم إلى أقلية عرقية منبوذة تعاني من الفقر والجهل وتتعرض للعديد من الأخطار، والاِنتهاكات، والتمييز.
ودون طائل، استنجد الكثيير من المهمشين بالإعلام، الذي لم يسلط الضوء الكافي عليهم، وبالمنظمات (الحكومية وغير الحكومية) التي لم تجد تفاعلاً من الدولة، حيث لم تتخذ الأخيرة أية إجراءات صارمة لمعالجة أوضاعهم، بل كانوا الأكثر عرضة للاِستغلال السياسي، سواءً باللجوء لهم فترة الانتخابات المتعاقبة، أو بتجنيدهم واستغلالهم في جبهات القتال. فكانوا ولا يزالون طاقة اليمن المهدورة.