الشباب اليمني: ضحايا البطالة في زمن الحرب

الشباب اليمني: ضحايا البطالة في زمن الحرب

الشباب اليمني: ضحايا البطالة في زمن الحرب

   تتفاقم مشكلة البطالة في صفوف الشباب بالعالم العربي، وخاصة باليمن، لتصبح من أكثر التحديات إلحاحًا في الوقت الراهن. شريحة واسعة منهم تواجه صعوبة بالغة في العثور على فرص عمل مناسبة، مما يترك أثرًا سلبيًا عميقًا على حياتهم ويبدد آمالهم المستقبلية. لا سيما في ظل الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد منذ مطلع عام 2011. إذ يجد الشباب - الذين يمثلون العمود الفقري للمجتمع - أنفسهم أمام عقبات تعرقل تحقيق طموحاتهم ومساهماتهم الفعالة في تنمية البلاد اقتصاديًا واجتماعيًا. وبالتالي، لا يتم استثمار طاقاتهم وإمكاناتهم الشبابية بالشكل الأمثل، لأسباب عديدة.

تداعيات الحرب في اليمن:

   تعتبر الحرب في اليمن لهيبٌ مستمر، تمتد آثاره إلى كل زاوية من زوايا المجتمع، الذي تذبل فيه زهرة الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وتغيب عنه فرص العمل. أسفرت هذه الحرب عن تدمير واسع النطاق للبنية التحتية، بما في ذلك المزارع والمصانع والشركات الصغيرة. ولقد أكدت الحكومة اليمنية على ارتفاع نسبة الفقر بالبلاد إلى 80% وانكماش الاقتصاد بنسبة 50%، حيث أدت تداعيات الحرب إلى غياب فرص العمل وتفاقم مشكلة البطالة، خاصة في صفوف الشباب.

   وبالإضافة إلى ما سبق، توقفت العديد من المشاريع الاستثمارية والتنموية بسبب عدم الاستقرار السياسي والأمني مما قلل فرص العمل المتاحة منذ أكثر من اثني عشر عامًا.

   وأجبرت الحرب الملايين من اليمنيين (حوالي 4.3 مليون شخص) على النزوح من ديارهم بحثًا عن الأمان، مما وضع ضغطًا هائلاً على الموارد والخدمات المحلية في المناطق المستقبلة لهم. وأدى هذا النزوح إلى اشتداد التنافس على الوظائف الشاغرة وارتفاع معدل البطالة بين الشباب، الذين يشكلون غالبية القوى العاملة.

   هذا التدهور في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية انعكس سلبًا على النظامين التعليمي والصحي، مما حال دون حصول الشباب على التدريب والتعليم اللازمين للولوج إلى سوق العمل. وأدى نقص الرعاية الصحية إلى انتشار الأمراض وإصابة السكان، خاصة الشباب منهم الذين كانوا في الواجهة، مما عرقل قدرتهم على الإنتاج والعمل.

   وصلت نسبة انعدام الأمن الغذائي إلى 60% بين السكان، وارتفعت نسبة الفقر إلى حوالي 80% في سنة 2024 حسب بيانات وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية. 

   علاوة على ذلك، فرضت القيود على المنافذ البحرية والبرية والجوية قيودًا كبيرة على التجارة اليمنية، مما أضعف حركة التصدير والاستيراد. هذا ما سلب الكثير من العاملين الشباب في القطاعين التجاري والصناعي وظائفهم، وجعل التجارة اليمنية سجينة القيود وأحلام الشباب العاملين فيها تتلاشى مع كل يوم يمضي.                                                

الشباب بين الأحلام والخيبات:

   تؤثر دوامة البطالة على الشباب بشكل سلبي، فيصبحون ضحايا لأزمات نفسية عميقة، إذ يمتلكون الإحساس بالفشل الذي يثقل أرواحهم ويطفئ بريق أحلامهم. ذلك لا سيما أن القوة العاملة تنمو بنحو 3.5% أي ما يقارب 200 ألف باحث جديد عن فرصة عمل في القطاع غير النظامي، نتيجة محدودية فرص العمل، حسب تقرير المرصد الاقتصادي لليمن. 

   وهنا يجد الشباب أنفسهم أمام ثالوث قاتل: الفقر، والبطالة، والحرب. فهم عالقون في دائرة فارغة لا تترك لهم مجالاً للطموح. فالحرب تعصف بكل جانب من جوانب حياتهم، ليحرمهم الفقر من الأساسيات الضرورية للحياة الكريمة، والبطالة تعيق حركاتهم.

   هذا الثالوث يشكل حاجزًا هائلاً أمام أي محاولة لبناء مستقبل مشرق. مما يجعل الشباب يقفون في مفترق طرق مظلم، تضيق فيه الخيارات وتتعاظم فيه التحديات، بين اليأس والأمل. فيجدون أنفسهم مجبرين على اتخاذ قرارات مصيرية، قد تقودهم إلى مسارات مدمرة أو مغامرات خطرة، بحثًا عن مستقبل أفضل.

   إذًا، ما مصير الشباب اليمني اليوم أمام هذا الثالوث؟ هل سيكون الانتحار، الإدمان، أو التسكع في الشوارع، أم الهجرة على مضض خارج البلاد؟

   وأخيرًا، ربما يكمن الحل في تقديم الدعم المالي والفني وخاصة النفسي لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة الذي يعد من أهم تعزيز الاقتصاد المحلي ويوفر فرص عمل للشباب. فهذه المشاريع تلعب دورًا هامًا في الاقتصاد خاصة وأن الشباب اليمني اليوم اتجه نحو مبادرات كهذه للحد من البطالة مما يساهم في زيادة الإنتاجية وتنوع الدخل. ويشمل الدعم المالي تمكين الشباب من قروض ميسرة أو منح أو حتى استشارات مجانية أما الدعم الفني يتضمن التدريب خاصة والدعم النفسي الذي يشجعهم من تحويل أفكارهم إلى واقع.

ريم الربيعي