رحلة تاريخية في عالم السينما: استكشاف تطور السينما في اليمن
رحلة تاريخية في عالم السينما: استكشاف تطور السينما في اليمن
عند سماع كلمة "السينما"، قد يتبادر إلى ذهنك معانٍ كثيرة مثل التجربة الإنسانيّة، والكوميديا، والتراجيديا، والعودة إلى الماضي، والهروب من الواقع إلى عوالم مختلفة. ولكن، ماذا تعرف عن تاريخ السينما في اليمن؟ وهل أنت مستعد للغوص في تفاصيلها الشيقة والمثيرة؟
تُعَدّ دّور العرض السينمائي في اليمن من أقدم الصناعات الترفيهيّة، حيث يمتد تاريخها لأكثر من قرن. كانت بداياتها في مدينة عدن عام 1910، عندما قدمت السلطات الاستعماريّة البريطانيّة "الأفلام الصامتة" لجنودها والعاملين في محمياتها في جنوب اليمن. عُرضت الأفلام على الهواء الطلق، ويرجع فضل اكتشافها إلى محمد حمود الهاشمي، الذي أسس نجله (طه حمود) أول صالة عرض سينمائيّة -في الثلاثينيات من القرن الماضي- سميت بسينما هريكن (Hurricane)، بالإضافة إلى ثلاث صالات أخرى وهي راديو سينما، والشرقيّة، والجديدة.
بعد ذلك، ظهرت العديد من دور العرض السينمائيّة في عدن تملكها التجار، وتم استيراد الأفلام(العربيّة والأمريكيّة والهنديّة) إليها خلال فترة الأربعينيات والخمسينيات، عن طريق شركة هنديّة بريطانيّة. وشملت هذه الأفلام أعمالًا مشهورة مثل "روبن هود" و"عيون الليل" و"حبي في القاهرة"، والذي يُعتبر أول فيلم يمني من إنتاج محلي.
وفيما يتعلق بالمحافظات الشماليّة، أشارت الكاتبة كلوديا فايان في كتابها "كنت طبيبة في اليمن" إلى محاولة أحد المستثمرين الأجانب لإنشاء سينما في صنعاء وتعز خلال فترة حكم الإمام يحيى، الذي وضع للمستثمر شروطًا تعجيزيّة من بينها حضور الطلاب والجنود للعروض بشكل مجاني تمامًا. تغير المشهد خلال فترة حكم الإمام أحمد حميد الدين، حيث أصبحت السينما أداة فعّالة في العمل الدبلوماسي -رغم حظرها في البلاد- كما كان هناك عروض سينمائيّة تُقام في منازل الأثرياء، وأفراد حاشية الإمام.
شَهِدَ اليمن بعد اندلاع ثورتي 1962 و1963، وحتى مطلع التسعينيات ارتفاع في عدد دور السينما إلى حوالى 50 في كلٌ من صنعاء وعدن، وأشار الدكتور حسين جغمان، نائب عميد الشؤون الأكاديميّة والدراسات العليا في كلية الإعلام بجامعة صنعاء، إلى أن هذه الدور كانت تعمل بكامل طاقتها التشغيليّة (الماديّة والبشريّة)، وبسبب الإقبال الكبير عليها كانت تُفتح في صنعاء لثلاث فترات، أما في عدن كانت تصل كحد أقصى إلى فترتين بسبب حرارة الجو.
في منتصف التسعينات، برزت العديد من العوامل التي أدت إلى إغلاق دور السينما في عموم اليمن، كان من أهمها فرض الضرائب على هذه المنشآت رغم ضعف إيراداتها، وتَمكن التيار الديني "السلفي" الذي اعتبرها أداة لنشر الرذيلة والأفكار المتحررة، إلى جانب غياب الحاضنة الاجتماعيّة المرحبة بإنتاج الفن.
صناعة السينما في اليمن:
رغم التاريخ الحافل لدور العرض السينمائيّة في اليمن، إلا أن الواقع يفاجئنا بنقص واضح في إنتاج الأفلام، وربما يعود سبب ذلك إلى تعرض البلاد للاستعمار، وإلى النزاعات والاضطرابات المستمرة فيه، إلى جانب غياب الأساس القوي لصناعة السينما؛ التكنولوجيا والابتكار، والاستثمار والتمويل، والتعاون والشراكات، والإدارة الفنيّة والإنتاجيّة.
قَدمت السينما اليمنيّة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي فيلمين فقط: "عبث المشيب" للمخرج علي سالم اليزيدي، و"من الكوخ إلى القصر" للمخرج جعفر محمد علي. وبعد فترة طويلة من الزمن، تمّ إطلاق أول فيلم روائي يمني في عام 2005 بعنوان "يوم جديد في صنعاء القديمة" من إخراج المخرج اليمني البريطاني بدر بن حرسي. حصل الفيلم على جائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وعُرض في مهرجان كانّ السينمائي الشهير. وفي 2008، صدر فيلم "الرهان الخاسر" للمخرج فضل العلفي. بعد ذلك برز الفيلم الوثائقي "ليس للجدران كرامة" في 2012، للمخرجة سارة إسحاق، والذي تمّ ترشيحه لجائزة الأوسكار. والفيلم الروائي "أنا نجود بنت العاشرة ومطلقة" في عام 2015، للمخرجة خديجة السلامي.
وشهدت الساحة السينمائيّة اليمنيّة ايضًا ظهور أفلام قصيرة من إنتاج شباب هواة، مثل أفلام "عودة" و"في المنتصف" و"أسوار خفية" و"الخوذة" و"أبوي نائم"، بالإضافة إلى الأفلام التسجيليّة والوثائقيّة، مثل "الموت المدفون" و"دون السن"، وفي الوقت الحالي، ظهرت إصدارات جديدة، قامت بدور مهم في تطوير صناعة السينما اليمنيّة، مثل فيلم "الحنين" للمخرج د. سمير العفيف و"عشرة أيام قبل الزفة" للمخرج والكاتب عمرو جمال.