الخبز الحضرمي( المفحوس)
![الخبز الحضرمي( المفحوس)](https://noonwashin.com/uploads/images/2024/05/image_750x_66562d36d6f27.jpg)
الخبز الحضرمي (المفحوس)
يَحكي الخبز الحضرمي، المعروف أيضًا باسم "المفحوس" قصةً رائعة عن التراث والثقافة في حضرموت. عند سؤالك عن التفاصيل المتعلقة به، ستجد نفسك مستمعًا إلى وصف دقيق لكيفية زراعته وسقيه وحصاده وطحنه وعجنه وخبزه، مما يعكس خصوصيته في الموروث الشعبي، المحملة في طياتها معاني الولاء والانتماء للأرض والآباء والأجداد.
تحضيره:
يُصنع المفحوس من مواد طبيعيّة، تُعجن وتُشَكل على هيئة أقراص، تُفرد وتُسوى بالفرن "التنور"، الذي يعطيها القشرة الخارجية الهشة، ذات اللون الذهبي المميز. ويقدم ساخنًا مع أصناف من المأكولات الشهيّة والعسل البلدي. وعلى الرغم من أن عملية إعداده قد تبدو بسيطة للوهلة الأولى، إلا أنها ليست كذلك، فهذا الطبق التقليدي الأصيل له طرق إعداد محددة تُنقل غبر الأجيال، وكما يقول المثل الشعبي: "أعطي الخبز لخبازة".
مميزاته:
يُعد المفحوس وجبة فريدة من نوعها في وادي حضرموت، وخيارًا مثاليًا لتناول الإفطار أو الغداء في جميع أرجاء المنطقة. فهو يُصنع من مكونات ممتازة كالبُر أو الأرز الأحمر أو الدقيق الأسمر، مع إضافة الحبة السوداء والقليل من الملح والسمن. ولا تنتهي مزايا المفحوس عند هذا الحد، فهو يتميز أيضًا بقدرته الفائقة على الحفظ، إذ يمكن الاحتفاظ به لأكثر من يومين دون فقدان طعمه الشهي. وفي حال زيادة الكمية المصنوعة في البيوت، فإنه يُفتَّت ويُضاف إليه الصانة (البهارات) والخم (سمك القرش المخفف بالملح) أو الضدح (نوع من الخضروات)، ليتحول إلى وجبة عشاء تُسمى خبز الفتة. كما أن المفحوس ليس مجرد طبق للإفطار أو الغداء، بل أيضًا قاعدة ممتازة لوجبات رئيسة أخرى كالمفحوصة والشوربة الحضرميّة، والتي تعكس ثراء وتنوع المطبخ الحضرمي.
وأشار محمد بن صويلح، مدير مكتب الثقافة بدوعن حضرموت، في حديثه مع منصة نون وشين، إلى أن الخبز الحضرمي "المفحوس" ليس فقط مجرد أكلة لذيذة وصحيّة، إنما يُعبر أيضًا عن التراث الثقافي، وهو دليل على أن الإنسان الحضرمي حافظ على عاداته وتقاليده، ومن ذلك يجب الاحتفاء به، مع غيره من الأكلات الشعبيّة تجبنًا لاندثارها واستبدالها بالأكلات الدخيلة على السفرة الحضرميّة.
وختامًا، يُعتبر الخبز الحضرمي "المفحوس" أكثر من مجرد وجبة لذيذة وصحيَة، حيث يجسد بعمق تاريخ وتراث حضرموت الأصيل. ومن طرق إعداده المتوارثة عبر الأجيال إلى مكوناته الطبيعيّة الأصيلة، يعكس هذا الخبز هُوية المنطقة وثقافتها الغنيّة. إنه صورة مشرفة للماضي، الممتدة للحاضر، والتي تجسد روح الأجداد وعادات الأرض التي لا ينبغي أن تندثر. لذلك فإن الاحتفاء بهذا الطبق التقليدي هو واجب على جميع أبناء حضرموت واليمن، كونه رمزًا ثقافيًا وتراثيًا للمنطقة.