جهود ومعوقات تمكين ذوي الإعاقة في اليمن  

جهود ومعوقات تمكين ذوي الإعاقة في اليمن  

جهود ومعوقات تمكين ذوي الإعاقة في اليمن
 
   يُواجه ذوي الإعاقة في اليمن تحديات كبيرة، تُحيل من تحقيق إمكاناتهم الكاملة، ومشاركتهم الفعالة في المجتمع، يقول عبد العليم العواضي (طالب ماجستير في اللغة العربية): "تُكمن أهم التحديات في النظرة المجتمعيّة لنا، فمهما كنا، المجتمع ينظر إلينا "معاقين" و"عاجزين"، وهناك تحدٍ آخر نواجهه في الجامعات، وهو نقل المناهج إلى تسجيلات، أيضًا التعامل مع المجتمع نفسه، والاندماج معه، وخاصةً بعد أن يَضعك في عزلة، تسبب لنا مشكلة كبيرة، إلا أن الاندماج مع المجتمع شيئًا لابد منه"، ويكمل: "صراحةً لا يُمكن لوم المجتمع لوحدة في خلق هذه العزلة، فأصحاب ذوي الإعاقة أنفسهم ساهموا فيها أيضًا، حيث للأسف أنتج الكثير منهم صورة محبطة عن الإعاقة؛ باعتزالهم للبيت، واستبعادهم للتعليم، ونادرًا ما يتم العثور على الإبداع داخل هذه الفئة، إلى جانب أن هناك نوعًا من التسويق داخلها بأن المعاق "عاجز"، ويجب أن تصل إليه المساعدات والإعانات دون أن يبذل أي مجهود،  لذلك هم يتحملوا مسؤولية كبيرة في نظرة المجتمع لهم".
 
   وللاطّلاع على الجهود المبذولة لتمكين ذوي الاعاقة في اليمن والتعرف على التحديات التي يواجهونها، أجرينا مقابلة مع (المسؤول الفني للدمج) في منظمة هانديكاب في اليمن يمنى غالب.
 
   ما الدور الذي تقدمه منظمة هانديكاب في اليمن؟
   تَسعى منظمة هانديكاب جاهدة على تعزيز كلٌ من حقوق الإعاقة، ومفهوم الدمج في المجتمع، من خلال تقديم الدعم والإرشاد للجهات العاملة في مجال العمل الإنساني، لتحقيق مشاركتهم الفعالة، ولحصولهم على الفرص المتساوية في جميع المجالات.
 
   هل بإمكانك توضيح الوضع العام لذوي الإعاقة في اليمن؟
   حاليًا، يُواجه ذوي الإعاقة في اليمن العديد من التحديات، أولها، تتمثل في البيئة المحيطة بهم، حيث يُعانوا من  صعوبة الوصول إلى العديد من الخدمات، بسبب غياب التسهيلات، مما يقيّد من استقلاليتهم. وهذه المشكلة لا تقتصر على اليمن فحسب، بل تنطبق أيضًا على الكثير من الدول العربية. بالإضافة إلى ذلك، التحديات السلوكيّة، المتمثلة في انعِدام التواصل الفعّال بينهم وبين مجتمعهم، حيث يتم رؤيتهم بتصورات وتوقعات سلبيّة، فمثلاً، يعتقد البعض أنهم لا يستطيعون تحقيق أي إنجازات أو المشاركة الفاعلة في المجتمع، وهذا يؤدي إلى التهميش وانعزال هذه الفئة. هناك أيضًا التحديات المؤسسيّة، حيث غالبًا ما تفتقر المؤسسات المختلفة في اليمن، سواءً كانت جهات دعم إنساني أو حكوميّة أو بنوك، إلى السياسات والموارد المالية الكافية لتوفير دعم فعّال، لتنفيذ أي مبادرة تهدف إلى دمج ذوي الإعاقة في المجتمع.
 
   ماذا عن وصمة العار التي يواجهها ذوي الاعاقة؟
   تُعتبر من التحديات السلوكيّة التي سبق وأشرنا إليها، وسببها التصورات المسبقة لدى أفراد المجتمع بأن ذوي الاعاقة غير قادرين على القيام بأي عمل أو المساهمة في المجتمع بشكل فعال،  أنتجت هذه التصورات تمييز اجتماعي أثر على فرص الفئة في الحصول على الأعمال المناسبة، ودمجهم في المجتمع بشكل عام. علاوة على ذلك، فإن الكثير من الأسر المتضررة تخفي وجود أبناء لديها من ذوي الإعاقة، وخاصة عندما يتعلق الأمر بتزويج بناتهم.
 
   هل تبذل الجهات الحكوميّة جهودًا لدعم تمكين ذوي الاعاقة؟
   نعم بالطبع، تُعد اليمن من أوائل الدول التي وقعت على إتفاقيّة الأمم المتحدة لحقوق ذوي الإعاقة، مما يعكس إدراك الحكومة وصانعي القرار لأهمية هذه الإتفاقيّة، والتأكيد على توجيه جهودها نحو ضمان تحقيق حقوق الفئة بشكل كامل. وحاليًا، نتواصل بشكل مستمر مع هذه الجهات لدعم المجتمع المدني، وتحقيق مستوى أعلى من الإدماج لخدمات ذوي الاعاقة. وخلال الفترة القادمة، سيتم تكثيف التواصل من أجل تقديم برامج بناء القدرات، وزيادة الوعي داخل المجتمعات المختلفة.
 
   هل هناك جهود ملموسة حققتها الجهات الحكوميّة؟
   نعم يوجد جهود ملموسة حققتها الجهات الحكوميّة لدعم ذوي الإعاقة، لكنها لا تزال بحاجة إلى المزيد من التطوير والتمويل. لاسيما في ظل الأزمة الإنسانيّة التي يواجهها البلاد. وعلى الرغم من التحديات، تستمر هذه الجهات في دعم وتسهيل عمل المنظمات الإنسانيّة التي تعمل في هذا المجال، وتحرص على التواصل المستمر معها.
 
   ماذا عن جهود المجتمع المدني؟
   نظرًا للتحديات الهائلة التي يواجهها البلاد، هناك جهود محدودة من جانب منظمات المجتمع المدني للتعامل مع قضايا الإعاقة والإدماج، تتمثل في استعدادها للتعرف على قضايا الإعاقة، والعمل على بناء قدرات العاملين لديها لتوفير خدمات دامجة لذوي الإعاقة في أماكن عملهم، ونحن في (هانديكاب) نتلقى من هذه المنظمات طلبات لتقديم تدريب أو دعم في المناطق المعنية بالدمج لذوي الإعاقة.
 
  ما مدى مدى نجاح منظمات المجتمع المدني في تمكين ذوي الاعاقة؟
   يَصعب قياس النجاح بالأرقام لوجود فجوة في الإحصائيات، ولعدم توفر البيانات بشكل كافٍ، ولكن يمكننا القول أننا نعمل بجهود مستمرة لتحقيق النجاح، ونسعى دائمًا إلى بناء جسور التواصل بين ذوي الإعاقة وصناع القرار على جميع المستويات. كما نعمل على زيادة الاهتمِام بقضاياهم، ودعم جهود التكامل.
 
وأخيرًا، برأيك ما هي أهمية دمج ذوي الإعاقة في المجتمع؟
ذوي الإعاقة يعتبرون جزءًا لا يتجزأ من أي مجتمع، ويتجلى ذلك في إحصائيات منظمة الصحة العالمية التي تشير إلى أنهم يمثلون 16% من السكان. ومن خلال التفكير في أهمية دمجهم في المجتمع، يمكن أن ندرك التأثير الكبير لتجاهل هذه النسبة. يمكن أن يسهم ذوي الاعاقة كقوة عاملة منتجة إذا تم تدريبهم وتمكينهم، كما يمكنهم أن يكونوا مصدرًا قويًا للإنتاجية والابتكار في المجتمع. بالإضافة إلى ذلك، إذا تم تقديم الدعم اللازم وتلبية احتياجاتهم، ستعود هذه الاستثمارات بشكل كبير على الدولة في صورة تنمية متوازنة، وازدهار اقتصادي قوي.
 
   التوصيات:
   من خلال المقابلة والتحليل الذي تم إجراؤه مع ممثلة منظمة هانديكاب في اليمن، يمكننا استِنتاج عدة توصيات لتمكين ذوي الإعاقة في اليمن، وهي:
  - تعزيز الوعي المجتمعي حول حقوق واحتياجات ذوي الإعاقة وقدراتهم، لإزالة الصورة النمطيّة عنهم، والتحيزات الموجودة حولهم، وتحقيق التعايش والتكامل معهم في المجتمع.
  - تطوير وتعزيز السياسات والقوانين التي تحمي حقوق ذوي الاعاقة.
  - دعم الإتاحة البيئيّة لذوي الإعاقة وتوفير الدعم التقني والبنيّة التحتيّة المناسبة لهم، والوصول المتساوي في جميع المجالات، بما في ذلك الصحة والتعليم والعمل والنقل والخدمات العامة.
  - تكثيف الدعم الاجتماعي المتاح لهم ولعائلاتهم، ويشمل ذلك توفير الخدمات الطبيّة، والحماية الاجتماعيّة، والدعم النفسي، والتأهيل الشامل، وتعزيز دور المؤسسات والمراكز المتخصصة في تقديم هذه الخدمات.
  - توفير فرص العمل الملائمة لهم، أو تشجيع ودعم إنشاء الأعمال الخاصة بهم، مع توفير البرامج التدريبيّة الاستشاريّة لتطوير مهاراتهم وزيادة فرصهم الاقتصاديّة.
  - توفير التمويل الكافي لبرامج تمكين ذوي الإعاقة في اليمن من جانب السلطات المحلية والجهات المانحة، إلى جانب الاستمرار في تنسيق العمل بينهما.