المشاريع الصغيرة في اليمن

المشاريع الصغيرة في اليمن

المشاريع الصغيرة في اليمن
يختلف تعريف المشاريع الصغيرة مـن دولـة إلـى أخرى، حسب وضعية النشاط الاقتصادي، والحدود المتعلقة بعدد العمال، وحجم رأس المال، والتي اعتمد عليها الإتحاد الاوروبي في التمييز بينها، وبين المشروعات (المتوسطة والكبيرة). 

   تُعد المشاريع الصغيرة العصب الرئيس لاِقْتصاد أية دولة، وواحدة من أهم آليات التوجه الإستراتيجي لدعم الهيكل الإنتاجي، وزيادة الدخل، حيث تتميز بقدرتها العالية على توفير فرص العمل - لقاعدة عريضة من قوة العمل - ومكافحة البطالة، والإضافة على الإقتصاد القومي National Economy والتي قدرت مساهمتها في اليمن بنحو 97% من الناتج المحلي الاجمالي في 2005م، وتتمثل فائدة المشاريع الصغيرة أيضًا في أنها:
- تُساهم في تحقيق سياسة إحلال الواردات، وتنمية الصادرات؛ إذا تحقق لها المنافسة الدولية.
- تُعمق وتنشر القيم والمبادئ الصناعية "الإيجابية" التي تتمثل في (إدارة الوقت، والجودة، والإنتاجية، والكفاءة، والفاعلية، وتقسيم العمل، والمبادرة، والإبتكار).
- تُساعد في تحقيق إِستراتيجية التنمية الحضرية أو المكانية.
- عامل مهم في التنويع والترويج للأنشطة الكبرى والمتوسطة، إذ تسيطر المشروعات الحرفية والصغيرة جدًا، على معظم القطاع الخاص.
- تدمج المدخرات البسيطة في العملية الانتاجية، وذلك بدلاً أن تكون جامدة، دون استغلال.
- تُساهم في الاِسْتقرار الاجْتماعي والسياسي، حيث تعطي الفرص للفئات التي تعيش على هامش المجتمع - المفتقدة للقدرة المالية، أو الأكاديمية، أو للعلاقات العامة - لتصبح قوة فاعلة فيه.

   وعلى الرغم من أهمية المشاريع الصغيرة إلا أنها تواجه في اليمن تحديات كبيرة عندما يتعلق الأمر بظروف العمل، والإنتاجية، والسمة غير المنظمة.

    يثري هذا الجانب المحلل الاِقتصادي أحمد سعيد شماخ (رئيس مؤسسة الإعلام المالي والاقتصادي للدراسات).

بدأ حديثه في توضيح اسباب تدهور الوضع الاقتصادي الراهن لليمن "أن مشكلة اليمن الاِقتصادية ليست في الأَرْض، إنما في (السياسات، والإدارة، ومستوى نوعية مخرجات التعليم، ومؤشرات الصحة والخدمات ..الخ) ، حيث تتنوع ثرواته اليمن الاِقتصادية سواء على ظاهر الأَرْض، أو في باطنها، أو على البحار اليمنية ، وذلك عكس الكثير من الدول، التي تنحصر مواردها الاقتصادية، على سبيل المثال، تعتمد دول الخليج على مورد واحد وهو "النفط"، ودول المغرب على السياحة، ودول أوروبا على الإنتاج الصناعي "، ويكمل "يصنف اليمن اليوم أنها ضمن أفقر 10 دول على مستوى  العالم، رغم انه يمتلك أهم الموارد الطبيعية مثل (الذهب، والفضة، والعقيق، والبترول..إلى غير ذالك )، والتي لم يحسن استغلالها من جانب الإنسان اليمني، الذي أرى أن العنصر البشري الماهر  يمثل المحرك الأساس في التنمية وبنسبة 70%، و30%  يحتلها اجمالي الثروات".

     ويرى شماخ أن اليمن في امس الحاجة اليوم إلى قيام (المشاريع الصغيرة) وتكاملها مع المشاريع المتوسطة التي تتكفل بتشغيل العمالة، وتحسن من الأوضاع المعيشية للكثير من الأسر. وارتكازها على الخامات الوطنية المحلية، فمن  الممكن توجيه المشاريع الصغيرة نحو المجالات بحسب خصوصية وتنافسية المحافظات اليمنية على النحو  الآتي:
-  دعم إنتاج الصناعات الغذائية، لأن اليمن يستورد مانسبتة 90% من احتياجاته من الخارج، حيث بلغت فاتورته الاِستيرادية حوالي 13 مليار دولار بالمتوسط، والتي يستأثر منها في تأمين الأمن الغذائي السنوي بحدود 8 مليار دولار، رغم أنها قد لا تتجاوز عشرة أنواع من السلع الغذائية الرئيسية، وتتحقق المشاريع الصغيرة  في مجال الصناعات الغذائية عبر دعمها من المستثمرين ورجال الاعمال، كأن تقوم جمعية زراعية بإنشاء مزارع طماط على سبيل المثال لا الحصر، يقابلها في الجانب الآخر مستثمر يأخذ مخرجاتها، ويشيد لها مصنع لتعليبه، او كان تقوم شركات الاصطياد البحري باستغلال الثروة السمكية في اليمن -التي تحتوي سواحله حوالي 450 نوع بحري، لا يستخدم منه سوى 64 نوع فقط - وذلك بالتعامل مع مصائد الأسماك المستدامة صغيرة الحجم وتعمل على تعليبة وتسويقة محليا ولو بالطرق التقليدية .
- التجارة البينية بين المدن اليمنية، والتي يساعد في قيامها استيعاب الخصوصية التي تمتاز كل واحدة منها، وتوظيفها في إقامة مشاريع صغيرة، ذات منتجات عابرة بين المحافظات، مثل تجارة البخور العدني، واسماك حضرموت المجففة، وأجبان تعز.

   وحول نجاح المشاريع الصغيرة، وإمكانية تطورها إلى متوسطة ثم كبيرة، يشير باشماخ إلى ضرورة توفر العديد من الشروط، وهي:

- الحفاظ على جودة المنتج.
- التسويق الجيد.
- تحديد الأسعار المناسبة، حتى تدخل المنافسة في سوق العمل.
- الاستمرارية، وتقبل ضعف العائدات في المراحل الأولى.
- تلقي التدريب من المعاهد الفنية والمهنية. 
- التوجيه الحكومي، وتطبيق القوانين الخاصة بالمشاريع الصغيرة، بما يتوافق مع المتغيرات الجديدة للبلاد.
- وجود بنوك تمويل، وذلك لعجز معظم الأسر اليمنية على تحمل تكلفة إنشاء المشاريع الصغيرة، رغم أنها قد تُكلف احيانًا مبالغ رمزية، وذلك بسبب تراجع الدخل، والقدرة الشرائية، ومنافسة المنتج الأجنبي للمحلي. 
-  تقديم التسهيلات في أخذ القروض، بعدم وضع الفوائد المرتفعة، أو الاعفاء عنها مثل منح (القروض البيضاء)، الفكرة المأخوذة من بنك  "غرامين" في بنجلاديش، والتي فشل تطبيقها في اليمن، لأنها نقل إليه، دون مراعاة لخصوصيته.
- دعم المنظمات المحلية والدولية للمشاريع الصغيرة، والتي وجه لها باشماخ رسالة "لا تعطني سمكة، بل علمني كيف اصطاد" فبدلاً من تقديمها للمساعدات المالية والغذائية، من الممكن أن تدعم معاهد تدريب للشباب في المجالات والحرف المختلفة، وعمل برامج مكافحة الفقر، ودعم مخرجات التعليم (المهني، والفني، والتقني)، التي تتطابق مع احتياج سوق العمل، لتمكين الشباب اقتصاديًا، وتجنب تحويل المجتمع اليمني إلى مجتمع "متسول' كما حصل في العديد من الدول، إلى جانب أن انقطاع هذه المساعدات - التي تعتمد عليها بعض الأسر اعتمادًا كليًا - قد يؤدي إلى أن تمارس بعض المنظمات سياسة الضغط في قرارات سيادية تخص الدولة.