فن الخطابة: نصائح واستراتيجيات
فن الخطابة: نصائح واستراتيجيات
يَعود تاريخ فن الخطابة إلى العصور القديمة في اليونان، حيث اُستخدمت كأداة سياسية في المناقشات والاجتماعات، بهدف إقناع الناس والتأثير عليهم، وهو ما غرف بـ "البلاغة". وكان من أبرز المتحدثين المشهورين في هذا المجال أفلاطون وأرسطو. كما ظهر استخدام الخطابة أيضًا في روما القديمة، حيث استخدم الخطباء المشهورين مثل (ماركوس توليوس شيشرون) أصواتهم وبلاغتهم لإقناع الناس في المحاكم القانونيّة والمجالات السياسيّة.
وفي يومنا هذا، لازال فن الخطابة من الأدوات الأساسية للنجاح في مجالات متنوعة من التفاعل الاجتماعي إلى قيادة المشاريع وتسويق الأفكار. ورغم هذه الفوائد، يجد الكثير أنفسهم عاجزين عن التحدث أمام الجمهور، والأسباب الكامنة وراء ذلك عديدة، قد تشمل عدم الاستعداد الكافي، والقلق الزائد، وصعوبة التركيز والفشل في إيصال الرسالة المقصودة بوضوح، وضعف لغة الجسد، إضافة إلى إهمال احتياجات الجمهور واهتماماتهم.
ومع ذلك، من الممكن لأي شخص أن يصبح متحدثًا بارعًا، في حال ما تبع مجموعة من المهارات والاستراتيجيات الصحيحة.
بداية، يؤكد الخبراء على أهمية اختيار موضوع يهم المتحدث حقًا، وبدون ذلك لن تتمكن أعظم دروس "التحدث أمام الجمهور" من مساعدة المتحدث في إقناع سامعيه.
ثانيًا، يجب على المتحدث أن يبني الثقة مع جمهوره، من خلال التحدث معهم بصوت واثق، والحفاظ على التواصل البصري المباشر معهم، وإظهار الفهم لاحتياجاتهم، ومشاركة اهتماماتهم.
ثالثًا، ينصح المتحدث بتعزيز ثقته بنفسه، من خلال ممارسة التنفس العميق والتفكير الإيجابي، فالثقة بالنفس تعد المفتاح الأساسي للتحدث بنجاح أمام الجمهور، سواءً كان صغيرًا أو كبيرًا.
وأخيرًا، يجب على المتحدث أن يدرك أنه ليس بالضرورة أن يكون متحدثًا بارغًا بالفطرة، ولكن الأهم من ذلك أن يكون خطابه رائعًا ومؤثرًا، ونابعًا من القلب!
وهناك نصائح رائعة قدمها موقع اليسون (Alison) لكيفية التغلب على خوف التحدث أمام الجمهور، وهي:
١. فهم مصدر الخوف - سواءً كان ذلك فسيولوجيًا أو نفسيًا أو مهاريًا، فتشخيص السبب الخطوة الأولى للتغلب عليه.
٢. التصحيح والخروج من الأفكار السلبيّة التي قد تعيق الأداء.
٣. العمل على نقاط الضعف والاستفادة من نقاط القوة.
٤. ممارسة وإتقان الموضوع، من خلال الإعداد الجيد والتمرن، ويساعد ذلك على الشعور بالثقة والسيطرة.
ماهي الاستراتيجيات؟
لحسن الحظ، حتى لو كان المتحدث يَشعر بأنه لا يمتلك جميع سمات المتحدث "المتمكن"، يمكنه العمل على صقل هذه الصفات وتحديدها لتحسين مهاراته في التحدث أمام الجمهور.
يقول ارنست همنغواي: "لكي تكتب بشكل جيد، يجب أن تعرف ١٠ كلمات عن الموضوع مقابل كل كلمة تكتبها، وإلا سيعرف القارئ أن هذه ليست كتابة حقيقية". ونفس الحال ينطبق على المتحدث، حيث يجب أن يعرف ۱۰۰ كلمة، مقابل كل كلمة يتحدث بها؛ فالخطيب المتمكن لا يعتمد على الارتجال، بل عليه أن يستند إلى قاعدة معرفيّة شاملة وقوية حول ما يتحدث عنه. لذلك قد يتطلب إعداد خطاب رائع وقتًا طويلاً، قد يصل إلى أيام وربما أسابيع كاملة!
ولا تعتمد الخطابة الجيدة فقط على الجهد والتركيز، بل تتطلب أيضًا الممارسة المستمرة، يقول تيموني شيرامي: "الممارسة هي المفتاح لتحسين مهارات التحدث أمام الجمهور".
إذن، ليس من المستغرب أن يبذل المتحدث المحترف جهدًا جبارًا، وممارسة مكثفة لإعداد خطاب رائع، والنتيجة ستكون عرضًا ملهمًا تنساب الأفكار فيه بكل سلاسة وإتقان. لذلك عزيزي القارئ اتخذ قرارًا الآن، بأنك ستتعلم التحدث بشكل جيد مع الآخرين. قد يكون هذا أحد أهم القرارات التي تتخذها على الإطلاق لضمان نجاحك على المدى الطويل في حياتك المهنية.