عرائس الموت في اليمن

مقال تحليلي اجتماعي

عرائس الموت في اليمن

كتبت/ أمل السبلاني 

   يُعد زواج الأطفال في اليمن من تقاليد النسيج المجتمعي القبلي، وأحد أشد أشكال التمييز الجندري وطأة، حيث تشكل الفتيات النسبة الأكبر من المتزوجات المبكرات، بنسبة تصل إلى 14٪، وتتركز هذه الظاهرة بشكل أكبر في الريف حيث ينتشر الجهل والفقر.

   ساهمت الحرب في اليمن في تفاقم ظاهرة زواج الأطفال، حيث تُقدر نسبته بين 20 إلى 25٪. وكشفت دراسة حديثة عن تأثير النزوح على معدلات زواج الأطفال، إذ أظهرت بيانات اليونيسيف أن أكثر من ثلثي الفتيات يتزوجن قبل سن الثامنة عشر، مقارنة بخمسين في المئة قبل الحرب، حيث اتخذت بعض الأسر النازحة الزواج وسيلة لتخفيف العبء الاقتصادي.

   يتسبب زواج الأطفال في جعل الفتيات أكثر هشاشة وفقرًا وتهميشًا، بالإضافة إلى تعرضهن للعنف، وإجبارهن على ترك المدرسة، والضغط عليهن للإنجاب في سن مبكرة. كل ذلك جعلهن عرضةً للموت، ومن هنا أطلق المجتمع المدني عليهن لقب "عرائس الموت".

   أما من الناحية القانونية، فقد نصت إحدى بنود القانون اليمني لسنة 1992 على أنه "لا يصح تزويج الصغير ذكرًا كان أو أنثى دون بلوغه خمسة عشرة سنة". إلا أن هذه المادة عدلت في 1999 بطريقة تتنافى مع المواثيق الدولية، إذ حُذف شرط السن وشرّع زواج الفتيات دون سن الخامسة عشرة، مع الاكتفاء بشرط قدرة الفتاة على الزواج دون معايير أخرى، كما نصت مادة أخرى على عدم ضرورة حضور الفتاة لعقد الزواج، حيث يمكن لولي أمرها تزويجها دون علمها.

 

حلول مشكلة زواج القاصرات

   دعت منظمة هيومن رايتس ووتش إلى تبني مادة دستورية تحدد سن الزواج الأدنى بـ 18 عامًا، على غرار العديد من الدول مثل الجزائر، مصر، والعراق، والأردن، وليبيا، والمغرب، وعمان، وتونس، والإمارات العربية المتحدة.

   كما يجب تنفيذ تدابير تشريعية لضمان فرض العقوبات على أي شخص يجبر الفتاة على الزواج، وفسخه دون تحميل أي عبء على الضحية.

   وتشمل الحلول الأخرى نشر التوعية، وتحسين خدمات الصحة الإنجابية، وتمكين الوصول إلى الرعاية الطارئة الخاصة بالولادة وتنظيم الأسرة، وضمان تعليم الفتيات.

   كما يُنصح بالتوعية من خلال القيادات الدينية حول الأضرار الصحية لزواج الأطفال، وإنشاء مجالس اجتماعية في كل حي لمناقشة المشكلة ومعالجتها من جميع النواحي، بما يضمن تلبية احتياجات الأفراد وحفظ السلم والأمن الاجتماعي، برئاسة متخصصين علميًا واجتماعيًا.