هل تؤثر حلقات البودكاست على ديمومة البرامج الإذاعية؟
تقرير صحفي
كتبت/ أمل السبلاني
في الفترة الأخيرة، لاحظنا الازدياد الكبير في شعبيّة البودكاست، وهو أمر لا يمكن تجاهله عند مناقشة تأثيره على استمرار البرامج الإذاعية التقليدية.
التنوع في المحتوى
يُعد البودكاست مصدرًا للمحتوى المتنوع، ويتضح ذلك من خلال العديد من المدونات الصوتية. على المستوى العربي، يقدم بودكاست "أبجورة" مجموعة واسعة من المواضيع، بدءًا من التنمية الشخصية والإلهام والتحفيز، وصولًا إلى القيادة والتطوير المهني. وهناك برامج أخرى تركز على مواضيع محددة لكنها تسعى لإثراء محتواها، مثل البرنامج الأردني "عيب"، الذي يتناول موضوعات محظورة اجتماعيًا وثقافيًا ودينيًا، بالإضافة إلى البرنامج العالمي "اتصل بصديقتك" Call Your Girlfriend، والذي يركز على النساء ويغطي مواضيع متنوعة مثل العلاقات والصحة والثقافة والسياسة.
كما أصبح المستمعون قادرين الآن على الوصول إلى برامج تشرح الكتب، وتقدم المقابلات، وتوفر نصائح متنوعة، ما أدى إلى تغير اهتمامات الجمهور وتنوع خياراته، الأمر الذي انعكس بشكل كبير على خريطة البرامج الإذاعية التقليدية.
تحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز التفاهم
يشكل البودكاست أداة مهمة لتحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز التفاهم داخل المجتمع، حيث يمنح الفرصة للمهمشين للتعبير عن أنفسهم وإلقاء الضوء على قضاياهم. ومن المميزات التي تساعد على ذلك سهولة الوصول إلى منصات البودكاست مقارنة بوسائل الإعلام الأخرى، خصوصًا الراديو، حيث يمكن لأي شخص متمكن إنتاج محتوى صوتي خاص به، يتوافق مع مهاراته واحتياجاته.
تواصل حقيقي ومرن
على عكس برامج الراديو التي تُبث في أوقات محددة، تتميز حلقات البودكاست بمرونتها، حيث يمكن الاستماع إليها في أي وقت ومكان. هذه المرونة تجعل المستمع يشعر وكأنه يجلس مع المضيف في غرفة واحدة، الأمر الذي يشجع على المشاركة والتفاعل من خلال التعليقات والمناقشات المرتبطة بالمحتوى، وهو نوع من التفاعل نادر في البرامج الإذاعية التقليدية، التي غالبًا ما يكون اتجاهه أحاديًا من خلال المكالمات الهاتفية.
التأثير على البرامج الإذاعية
مع المميزات الكبيرة التي توفرها حلقات البودكاست، يبرز سؤال: هل تؤثر على استمرار البرامج الإذاعية التقليدية؟ يجيب علي الموشكي، رئيس مجلس إذاعة يمن تايمز: "تأثرت البرامج الإذاعية بشدة بظهور حلقات البودكاست، التي اجتاحت عالم الاستماع والانتشار. ولكن هذا لم يهدد استمرار البرامج الإذاعية التقليدية، التي تحتفظ بمكانتها الخاصة، فهي تتميز بالتوسع والتنوع، وخاصة في البرامج المباشرة التي تجذب الجماهير بقوتها وتفاعلها الفوري".
ويضيف: أن ظهور البودكاست أحدث تحولًا جزئيًا في جمهور البرامج الإذاعية نتيجة التطور التكنولوجي وتغير اهتمامات المستمعين. ومع ذلك، لا يمكن اعتبار هذا التأثير سلبيًا بشكل عام، إذ لا تزال البرامج الإذاعية تحظى بحصة كبيرة من الجمهور الذي يقدّر طبيعتها التفاعلية ومحتواها العام، رغم أن تفاعل الجمهور فيها غالبًا يكون أحادي الاتجاه، بخلاف البودكاست المسجل المتاح في أي وقت.
التنافس والتكامل
على الرغم من أن حلقات البودكاست قد تتنافس مع البرامج الإذاعية، إلا أنها في الوقت ذاته تكمل بعضها البعض. فكل منهما يساهم في زيادة تنوع المحتوى الصوتي وتوفير خيارات تواصل متنوعة للمستمعين. ويظهر هذا التكامل عندما تقوم الشبكات الإذاعية الكبرى بإنتاج حلقات بودكاست إضافية لزيادة تفاعل الجمهور وتوسيع نطاق وصولها، أو بتحويل بعض برامجها التقليدية إلى حلقات بودكاست مسجلة للاستماع في أي وقت. كما تسهّل البنية التحتية للإذاعة، مثل الاستوديوهات وفرق الإنتاج والتسويق، على منشئي البودكاست تحسين جودة المحتوى وجذب الجمهور.