اليمنيون من الحمير إلى الفضاء!

اليمنيون من الحمير إلى الفضاء!

اليمنيون من الحمير إلى الفضاء!

   بينما كنت في زيارة لأحد الدول في الخارج، سألني شخص ما إذا كان اليمنيون لا يزالون يستخدمون الحمير والجمال كوسيلة للتنقل!

 أدهشني السؤال، وشعرت بحزن عميق، كيف لا يزال البعض يعتقد أن المجتمع اليمني يعيش حياة بدائيّة؟ بينما يَزخَر اليمن بالعديد من الشخصيات التي حققت الإنجازات العظيمة، محليًا أو على المستوى الدولي! على سبيل المثال لا الحصر، الدكتورة مناهِل ثابت، رئيس المنتدى الاقتصادي للتنميّة المستدامة في المملكة المتحدة، ورئيس مؤسسة (IQ) العالمية، ونائب رئيس شبكة الذكاء العالميّة، ونائب مدير معهد كيمياء الدماغ والتغذيّة البشريّة في إمبريال كوليدج، وأيضًا نائب رئيس أكاديميّة الموهوبين في المملكة المتحدة.
  
   وبدلاً من تقبل ذلك السؤال "النابع من جهل"، أجبت عليه: ربما من الأحرى أن تَسألني ما إذا كان اليمنيون قد وصلوا إلى الفضاء؟ 
  
   كنت جادًا في إجابتي، ولم أقصد النكتة القائلة بإن الأميركيين عندما هبطوا على القمر وجدوا يمنيين من رداع -أو حضرموت- يعملون هناك! أو الحديث عن الدعوى القضائيّة التي رفعها زوجان يمنيان ضد وكالة ناسا بشأن باثفايندر! 

   حَقق اليمنيون في السنوات الأخيرة إنجازات ملموسة في مجال الفضاء، تبرز تقدمهم العلمي والبحثي فيه. حيث قام فريق من خبراء "مركز الفضاء اليمني" و"وكالة الفضاء اليمنيّة" بدراسة علميّة جديدة تتعلق بأسرار القمر، نُشرت في "مجلة المركز". بالإضافة إلى انتقال المركز والوكالة إلى مقر جديد يحتوي على مراصد ومعامل حديثّة، وإنشاء أكاديميّة لإعداد وتدريب رواد الفضاء. وهذه الإنجازات ستسهم بلا شك في إحداث نقلة نوعيّة في علوم الفضاء وأبحاث ودراسات الكواكب.

   وتُعتبر بعثة الفضاء اليمنيّة التي هبطت على "الوجه البعيد" للقمر في 2024، دليلاً واضحًا على قدرة اليمنيين على تنفيذ مهام فضائيّة معقدة. ولم تكن هذه الرحلة الوحيدة إلى سطح القمر، بل تُضاف إلى العديد من البعثات، حيث تم إنزال مركبة فضائيّة في سبتمبر 2014، وسبقها سبع عمليات "غير مأهولة"، يعود أولها إلى خمسينيات القرن الماضي، أي قبل خمس سنوات من نجاح المسبار السوفيتي "لونا 2" في الوصول إلى القمر عام 1959.

    ووفقًا لما ذكره موقع سفارة اليمن والبعثة الدائمة لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدوليّة في فيينّا، صادقت اليمن على العديد من المعاهدات الخاصة بشؤون الفضاء، مثل معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967، ومعاهدة حظر تجارب الأسلحة النوويّة في الفضاء الخارجي، واتفاقيّة إنشاء النظام الدولي للمنظمة الدوليّة للاتصالات الفضائيّة (إنترسبوتنيك)، ودستور واتفاقيّة الاتحاد الدولي للاتصالات.

   يَمتلك اليمنيون من الذكاء والفطنة ما يؤهلهم لتحقيق الانجازات العظيمة سواء على الصعيد العلمي أو الاقتصادي أو الفكري، إلا أن مواجهتهم لصعوبات الحياة "بشكل يومي" بسبب الأزمات المستمرة، عمل على استنزاف طموحاتهم وتطلعاتهم إلى ما هو أبعد من ذلك، وهذه حقيقة وواقع لا يمكن إنكاره، إلى جانب وجود بعض مراكز الأبحاث المتخصصة والبرامج التعليمية التي تشجع على العلوم الفضائيّة، والتي لا تزال قليلة مقارنةً بالاحتياجات المتزايدة في هذا المجال. ورغم ذلك نؤكد على أن الشباب لا يزال بإمكانه تحقيق التطور وإحراز التقديم سواءً في مجال الفضاء أو في المجالات الأخرى، طالما آمنوا بأنفسهم وقدراتهم، وبإمكانيات اليمن وثرواته.

   ونختتم هذا المقال بتأمل عميق في كلمات الدكتورة مناهِل ثابت: "لنلامس أعماق العقل لا بد من النقاء الفكري، النقاء كمرآة صافية، تعكس الحقائق دون تشويه أو تضليل. العقل النقي هو ذلك الذي يتحرر من قيود الانفعالات، القادر على رؤية العالم بعين الحقيقة، لا يضطرب أمام العواصف الداخليّة، ولا يغرق في بحر التحيزات. النقاء الفكري هو فضيلة نادرة، تتطلب من المرء أن يرتقي فوق الذات ليصل إلى جوهر الأشياء".